عبدالله الجنيد

الكلفة اليمنية

الجمعة - 22 ديسمبر 2017

Fri - 22 Dec 2017

غياب علي عبدالله صالح لن يغير واقع ومعطيات دولة علي عبدالله صالح العميقة سياسيا واجتماعيا، لذلك تحمل صنعاء كل مفاتيح الحلول الممكنة يمنيا بشرط ألا يترك اليمن لمعادلة صالح المتأصلة. فتطهير العاصمة واستعادتها من قبل الشرعية سيخرج اليمن من حرب الاستنزاف السياسي القائمة الآن ويضعه على مسار الانتقال السياسي. لكن هل يملك اليمن ثقافة الدولة لكي ينتج منفردا مؤسساته الوطنية الكفيلة بتحقيق عملية الانتقال السياسي الحرجة. للأسف، لا يمكن المخاطرة بذلك لتعقد الملفات بما يتجاوز قدرات اليمن الآن. فالأحزاب اليمنية ما زالت ممن يرفع الشعارات ولا يملك البرامج الوطنية الحقيقية الكفيلة بتحقيق عملية الانتقال السياسي المطلوب، وتسنمها القيادة المرحلية سيعيد اليمن وسيعيدنا للمربع الأول دون شك. برنامج الانتقال السياسي الذي سيكون هدفه تحقيق الاستقرار الأمني وإعادة تأهيل الدولة يجب الاتفاق عليه الآن انطلاقا من مخرجات الحوار الوطني وبإدارة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة لفترة لا تقل عن أربع سنوات. فالتأهيل البنيوي للدولة يتطلب ثقافة إدارية قبل السياسية. ويتوجب على كافة القيادات السياسية دعم ذلك المشروع بدل تغليب الطموحات الحزبية والشخصية بالإضافة للقبلية أو المناطقية. فالمعادلة اليمنية القائمة (دولة علي صالح) تملك كل عناصر التدمير الذاتي «Self-destruct» نتيجة ثقافة التكافل الانتفاعي ولائيا، ولن تستطيع الأحزاب القائمة التجاوز على ذلك الإرث الثقيل منذ ما قبل حرب 1994 إلى يوم مقتل صالح. لذلك سيتوجب على التحالف إدارة الشأن اليمني لفترة انتقالية ولنا في تجربة إعادة تأهيل ألمانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية خير مثال.

ما يميز التحالف العربي عما تقدم كونه قوة تحرير وممثلا لإرادة وطنية، ثانيا، لكون الدولتين القائدتين لهذا التحالف تملكان تاريخا خاصا في علاقاتهما مع اليمن سياسيا واجتماعيا. وقد يكمل القطاع الخاص فيهما بالإضافة لليمني العنصر المطلوب والمحفز اللازم لإعادة تأهيل مؤسسات الدولة إداريا والاشتراك في تقديم الكثير من الحلول وأهمها إدارة الشأن العام بالإضافة لتطوير أدوات التنمية على أسس محلية أو فيدرالية.

وبالرغم من كم التحديات إلا أن اليمن يملك الكثير من المقومات وأهمها إطعام نفسه بشكل نسبي. إلا أن التحديات الأكبر ستكون اجتماعية وأكبرها الولاء القبلي وانتشار السلاح والقات. أما سياسيا فإن الملف الجنوبي هو الأخطر على المرحلة الانتقالية حال فشل البرنامج في إقناع اليمنيين بجدوى تطبيق مخرجات الحوار الوطني القائم على الإدارة الإقليمية لا الدولة المركزية.

تحديات المرحلة الانتقالية رغم كل تعقيداتها ستكون أهون على الجميع من أن يترك اليمن للاحتكام إلى المعادلة اليمنية، وأن الكلفة اليمنية يمنيا وإقليميا ستكون كارثية إن ترك لليمن تحديد مسارات الانتقال السياسي مع كل ما يمثله إرث دولة علي صالح من تحديات. على الجانب الآخر، فإن إسهام التحالف في عملية الانتقال السياسي يمنيا هو جزء لا يتجزأ من الأهداف الاستراتيجية لعاصفة الحزم، وذلك تحديدا هو ما يجب أن تضطلع به الدولة المركزية إقليميا. دون ذلك، فإن عودة اليمن لحالة التدمير الذاتي أو الدولة الفاشلة هو الأقرب للواقع، وكلنا يعي خطورة ذلك أمنيا على اليمن ومحيطه الإقليمي. لذلك سوف يستوجب الموقف من المرحلة الانتقالية قراءة تتجاوز استمزاج الرأي السياسي اليمني أو قياس الأمور بنشوة الانتصار لأنهما مجتمعان يمثلان المحفز الأكبر لإطلاق مشروع رجل الدولة الجديد أو دولة الرجل القوي.

اليمن سيبقى مطمعا للكثير من القوى الإقليمية والدولية لخصائصه الاستراتيجية جغرافيا واجتماعيا، لما لتلك الخصائص من توظيفات تعين في استهداف اليمن أو محيطه الإقليمي. وما الصواريخ الإيرانية إلا أحد الأمثلة على ذلك التوظيف لليمن سياسيا واجتماعيا. ويجب ألا تشغلنا الترسانة الإيرانية المتهالكة الآن عن إنجاز الأهداف التي وضعتها عاصفة الحزم. أما موضوع الرد المناسب على تلك المغامرات العبثية الإيرانية، فإن إخراج الحوثي من المعادلة السياسية اليمنية على أساس ولائي طائفي هو الأهم. كذلك ليس بالضرورة أن يكون الرد على إيران في اليمن بعد أن تم تصنيف الحرس الثوري وحزب الله اللبناني منظمتين إرهابيتين.

@aj_jobs