جينكس في معرض الكتاب

الخميس - 21 ديسمبر 2017

Thu - 21 Dec 2017

«جينكس» ليس إنسانا آليا، ولكنه طفل أمريكي يعيش في ولاية كارولاينا الشمالية بالولايات المتحدة، في أحد الأيام سمع والدته تتحدث مع إحدى صديقاتها عن قرار الحكومة بإغلاق ثلث المكتبات العامة في إحدى مقاطعات الولاية بسبب الأزمة المالية التي كانت تعصف بالبلاد.

فانطلق (كامبل جينكس) ذو التسعة أعوام إلى أصدقائه ليطلعهم على الخبر الذي نزل عليهم جميعا كالصاعقة.

فكر اﻷطفال قليلا، ثم قرروا أن يكتبوا رسائل ويرسلونها إلى مجلس المدينة، ولكنهم لم يكتفوا بالكلام فقط، فنظموا حملة تبرعات لصالح المكتبات العامة، قاموا من خلالها ببيع العصير الطازج أمام منازلهم، حيث جمع (كامبل) قرابة 600 دولار، ثم وضع المال في جرة وحمله إلى أحد فروع المكتبات المزمع إغلاقها وتسليمه إلى أمين المكتبة.

تفاجأ المسؤولون في الحكومة بهذه الحملة التي نظمها طلبة الصف الثالث ابتدائي في إحدى مدارس المقاطعة، وبعد عدة اجتماعات قرروا تخصيص ثلاثة ملايين ونصف المليون دولار لدعم بعض المكتبات العامة وإبقاء أبوابها مفتوحة.

ترى كم طفل لدينا يعشق الكتاب كما يعشقه كامبل جينكس؟ وكم طفل سيوفر من مصروفه ليزور معرض الكتاب أو ليشتري قصة؟ وكم من الآباء سيزور معرض الكتاب وسيحرص على ذهاب أطفاله إليه؟ وماذا سيحقق المعرض اليوم أمام تحديات الشبكة العنكبوتية؟ وكيف سيكون الإقبال على المعرض في زمن يخرج «قوقل» من تحت معطفه ملايين الكتب والصحف والمجلات؟

أسئلة كثيرة دارت بخلدي وأنا أرى إعلانات معرض الكتاب اليوم، المعرض الذي يعد منبرا تنطلق منه الإبداعات الأدبية بمختلف أنواعها الشعرية والروائية والنقدية والفكرية والعلمية، ويعتبر فرصة لمشاركة الكثير من الكتاب والأدباء والمثقفين العرب، إضافة إلى العديد من المكتبات ودور النشر ومؤسسات الإنتاج الثقافي.

وأملنا أن يحقق هذا المعرض أهدافه في نشر الثقافة وردم الفجوات الثقافية بين شرائح المجتمع وأفراده، وتقريب وجهات النظر بينهم، وتذليل الصعوبات أمام الباحثين والراغبين في نشر خبراتهم وتجاربهم للآخرين من خلال ندوات ومحاضرات ولقاءات وورش عمل عن حقوق النشر والترجمة والملكية الفكرية والتراخيص من قبل متخصصين في هذا المجال.

كما نأمل أيضا أن يكون هناك نوع من التجديد والتطوير في المشاركات واستضافة أقطاب العلم والثقافة من العلماء والمفكرين، والتواصل مع الثقافات الأخرى التي تمثل نموذجا حيا لترجمة المعرفة وتفسير رموزها وفك طلاسمها، وجذب القارئ للكتاب حتى يصبح قادرا على التلخيص والتحليل والاستنتاج والنقد وحل المشكلات، فيصبح قادرا على توظيف المعلومة والإفادة منها في مجالات الحياة المختلفة.

فنحن من خلال الكتب نعيش تجارب الآخرين، ونسافر معهم، ونشاركهم أفراحهم وأحزانهم، لكن القلة منا يدرك ذلك، ونحن نريد أن يدركه الجميع.