لا للمتطرف ولا للمنحل!

الثلاثاء - 19 ديسمبر 2017

Tue - 19 Dec 2017

في افتتاحه لأعمال السنة الثانية من الدورة السابعة لمجلس الشورى تحدث خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله، بعبارات صارمة وحاسمة وجادة لجهة ترسيخ مبادئ الوسطية والاعتدال والتسامح الديني، مؤكدا في ذلك للجميع بأنه (لا مكان بيننا لمتطرف يرى الاعتدال انحلالا، ويستغل عقيدتنا السمحة لتحقيق أهدافه، ولا مكان لمنحل يرى في حربنا على التطرف وسيلة لنشر الانحلال).

إذن نحن أمام استراتيجية سعودية متوازنة تستند إلى ثوابت المملكة ومنهجها الصلب في إدارة المشهد الوطني العام، ومن شأن ذلك كله إتاحة الفرصة تلو الأخرى لفعل وطني أكثر حضورا وفعالية، نستعيد من خلاله، وفي مرحلة مفصلية، كل أدوار شرائحه ونخبه للبناء والتنمية، ومنع كل متطرف ومنحل من التأثير السلبي على مفاعيل هذه السياسات العامة المتوازنة.

من أبرز مظاهر هذا الفكر السوي المعتدل، وفق الرؤية السلمانية، إعادة إحياء أدوار المرأة السعودية في العمل العام والخاص، إلى جانب الرجل، وتخليصها تماما من الوصاية، والأفكار المنغلقة، والمتوجسة تجاه رغباتها، وإشاعة الأجواء، لتعزيز مشاركتها في العمل التنموي، وتحقيق كل طموحاتها وآمالها وأحلامها في بناء الوطن.

إلى جانب إعادة إحياء جوانب الفرح والابتهاج بين أبناء الشعب السعودي، لجهة الاستمتاع بكل جوانب الترفيه الذي لا يخدش الحياء، والذي كان إلى فترة زمنية قريبة أحد مواطن التشدد الديني، والانغلاق الذي لا يستند إلى أية مبررات وجيهة، ما شكل لعقود من الزمن وصاية مقيتة ومؤلمة، حرمت الكثير من أبناء المجتمع من فرص الاستمتاع بمباهج الحياة، حتى اضطروا للسفر إلى دول بعينها لإرواء عطشهم إلى شيء منها، رغم التكاليف العالية التي كانوا يتحملونها، والتي كان يمكن التخفيف من وطأتها لو كان وطنهم يتيح لهم شيئا من ذلك.

ومن ثم إعادة توجيه مثل هذه التكاليف المالية المهدرة إلى مصارف في داخل الوطن، لمصلحة تعزيز موارد الاقتصاد الوطني، الذي هو بحاجة ماسة لمثل ذلك في ظل الأحوال الاقتصادية الراهنة، وهو ما يصب في المحصلة النهائية لصالح مخرجات رؤية 2030 التي نعلق عليها الآمال الكبيرة لتحقيق نقلة نوعية وتنوع اقتصادي مستدام قد طال بنا الزمن من أجل الوصول إليه، وتوسيعه.

من جهة أخرى، كان الملك سلمان واضحا كل الوضوح في تحذير كل منحل من استغلال هذه السياسات المتوازنة، للتأثير السلبي على قيم المجتمع ومبادئه، المستند إلى ثوابت الشريعة السمحة والنبيلة، فهذا أمر لا مجال فيه لأية خيارات قد تصطدم بها.

على كل حال، الوطن كله يدخل مرحلة جديدة بفكر ورؤى متطورة، لجهة بناء الإنسان السعودي الوسطي المعتدل القادر وحده على قيادة الوطن نحو تحقيق الكثير من المنجزات والمكاسب الوطنية في الأمن والاستقرار والتنمية، والحضور الإقليمي والدولي الفاعل، للعمل مع المجتمع الدولي لبناء منطقة استقرار لا ترتهن إلى خلايا الإرهاب، والميليشيات والفكر المتطرف الذي يحمل معه الكثير من عوامل وأسباب الفوضى والأجندة المشبوهة تحت إشراف وبرعاية إيران وحلفائها في المنطقة.

وبكل صراحة سيكون الوطن بخير ما دام يحمل هذا الفكر المستنير، وهذا الجهد الوطني لنقله إلى مرحلة أجمل وأفضل.