محمد العوفي

أعر صورتك الذهنية اهتماما خاصا!

الاثنين - 18 ديسمبر 2017

Mon - 18 Dec 2017

«قبل أن تبدأ بالعمل الدعائي، أعر صورتك الذهنية اهتماما خاصا»، يلخص هذا المبدأ أحد أهم قواعد الدعاية الرئيسة، ويثبت أن نجاح المنظمة يتوقف على قدرتها على بناء صورة ذهنية إيجابية لنفسها، وأن أي عمل دعائي لن ينجح مهما أنفق عليه من مبالغ مادية إذا لم يسبقه بناء صورة ذهنية إيجابية عن المنظمة لدى الموظفين والعملاء المستفيدين من خدماتها.

وقوة تأثير الصورة الذهنية للمنظمات تأتي من ارتباطها بالانطباع الذهني لدى المتعاملين معها عن خدماتها وسياساتها وأنظمتها، والصورة الذهنية للمنظمات إما أن تكون إيجابية؛ وتكفى المنظمة عناء التسويق لنفسها وتحسين صورتها، أو تكون سلبية وعليها العمل على تحسينها، وتكاليف ذلك عادة ما تكون باهظة ومحفوفة بمخاطر الفشل، لأن بناءها لا يتم عشوائيا، بل يتم- بحسب العالم ناير شاندو- عن طريق من المعلومات التي يحصل عليها العملاء حول المنظمة من المصادر الخارجية، أو من تجاربهم الشخصية حول الخدمة، والجودة، والاعتمادية.. وغيرها، وبالتالي فإنه تحسين يتطلب تغيير قناعات المستفيدين منها، وتغيير القناعات يتطلب جهدا كبيرا وتراكم الأعمال الإيجابية بما يعكس تحسن أداء المنظمة.

لذلك تنبهت كثير من المنظمات العالمية إلى أهمية بناء الصورة الذهنية، واستثمرت أموالا كبيرة في بناء صورة ذهنية إيجابية لها في أذهان عملائها كونها تسهم في نجاح المنظمة واستمراريتها، وتعطي المنظمة قيمة عالية قد تحميها في حال تعرضها للأزمات، وتمكنها من استعادة مكانتها.

وأهمية تكوين الصورة الذهنية الإيجابية لا تقتصر على منظمات القطاع الخاص فقط كمنظمة ربحية، بل تشمل المنظمات الحكومية التي تقدم خدماتها لجمهور متنوع وغير متجانس من حيث الحاجات والرغبات، مما يحتم عليها بناء صورة ذهنية مقبولة عنها لما لها من تأثير معنوي عن سمعة هذه المؤسسة، وبالتالي فهي مطالبة بأن تدير صورتها لتتمكن من خلق صورة إيجابية من شأنها أن تضيف ميزة على خدماتها.

وباستعراض سريع للصورة الذهنية لبعض المنظمات الحكومية وغير الحكومية في المملكة؛ على سبيل المثال لا الحصر: وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، ووزارة الإسكان، ووزارة التعليم، والخطوط الجوية السعودية، ومجلس الشورى رغم أنه لا يقدم خدمات مباشرة للمواطن، لكن صورته الذهنية ارتبطت بالقرارات التي يتخذها، نجد أن صورتها الذهنية لدى العملاء والمستفيدين لم تكن إيجابية، ومع ذلك لم تفكر هذه المنظمات في معالجة أسباب هذه الصورة الذهنية السلبية حول أدائها أو خدماتها، واتجهت بدلا من العمل والجهود المنظمة إلى التصريحات وتضخيم الإنجازات دون أن يكون لهذه الإنجازات حضور على أرض الواقع، ولم توفق إدارات العلاقات العامة في هذه الجهات في قياس وإدارة الصورة الذهنية والعمل على تغييرها.

خلاصة القول، إن كثيرا من المنظمات الحكومية لم تهتم كثيرا لتحسين صورتها الذهنية لدى العملاء، إما عدم وعي بأهمية الصورة الذهنية أو تجاهل لها، وعليها أن تهتم بدراسة الصورة السائدة عنها لدى جميع طبقات المجتمع المتنوع، والعمل على تطوير وضع الاستراتيجيات الكفيلة بخلق صور ذهنية إيجابية عنها تكفل وجود رأي عام مناصر لقضاياها ومواقفها ودعمها بشتى أنواع الدعم في الظروف المختلفة.

mohdalofi@