محمد عبدالكريم المطيري

السعودية للسعوديين

الاحد - 17 ديسمبر 2017

Sun - 17 Dec 2017

يتبنى العديد من الأشخاص مبدأ أن السعودية للسعوديين، وهو حق مشروع لا خلاف فيه، للمواطنين في كل بلد الأولوية في الفرص الوظيفية والخدمات الحكومية والاستفادة من المصادر التي تمتلكها الدولة وغيرها، ولكنها شعرة دقيقة تقف بين هذا الحق وبين أن نصبح عنصريين تجاه الأجانب والمقيمين والمواليد غير السعوديين. لندرك مثل هذه المسألة لا بد أن نعي أن السبب من وجود الاستقطاب للعمالة الأجنبية في العديد من القطاعات الحكومية وغير الحكومية هو نقص الكفاءة الوطنية المؤهلة القادرة. وهذه النقطة قد تنطبق في وقت مضى على حال الشباب السعوديين ولكن حتما لا تنطبق في الوقت الحالي مع وجود العدد الهائل من الشباب المؤهلين من خريجي الجامعات المحلية أو من المبتعثين في مختلف التخصصات. ولا أصدق من شاهد على سابق الأحداث من الأستاذ عبدالله الطريقي وزير البترول الأول ومؤسس منظمة أوبك، رحمة الله عليه، حين صرح بأن «الأجنبي المنتج خير من الوطني غير المنتج»، ولم يقصد قلة الإنتاج تقاعسا بل لندرة الوطنيين المؤهلين علميا بالأخص في مجال حساس حينها كالدراسات البترولية. لكن حديثي هنا ليس عن الحق المشروع، فأنا أؤمن وأرى بأن الشباب السعودي قد قفز قفزات ضخمة واختلف تماما عما كان عليه أسلافه، بل عن تعاطينا مع المسألة ككل. حين نتعامل مع قضية كقضية المقيمين لا بد لنا أن نفرق بينهم حسب مؤهلاتهم وظروفهم وغرض إقامتهم ومدة إقامتهم. فالمولود في السعودية يجدر به أن يعامل معاملة مختلفة عمن قدم بفيزا عمل وعن المخالف لشروط الإقامة والجوازات، كما يختلف أصحاب التأهيل العالي والخبرة العملية الطويلة عن الأقل تأهيلا وخبرة. وفيما يتعلق بالمولودين في السعودية لوالدين غير سعوديين، ولم يعرفوا غير السعودية وطنا، ولم يوفقوا للحصول على الجنسية، فيجدر إتاحة الفرص لهم للتنافس المحمود، والاستفادة من أعدادهم الكبيرة في مختلف المجالات، في الفن والرياضة والأعمال اليدوية والحرفية بل والقطاعات الخدمية والقطاع الأكاديمي، حين يمنح مثل هؤلاء ممن ضاقت بهم السبل - إلا من السعودية - الفرصة لإثبات جدارتهم سيكون الحافز لديهم أكبر، وسيدفعهم لأن يصبحوا أفضل مما هم عليه، لأنك منحتهم بارقة الأمل لمستقبل أكثر إشراقا، ومن ثم يمنح الأفضل من المتنافسين الأولوية في التجنيس، أو أن يتم معاملته كمواطن من الدرجة الثانية على الأقل. وبذلك نكون قد استغللنا الطاقة البشرية الموجودة والمهدرة ووجهناها نحو التأثير الإيجابي الذي يصب في مصلحة الوطن، بدلا من هدر هذه الطاقة البشرية والتسبب بإحباطها مما قد يقود البعض منهم لسلوكيات مشينة تؤثر على سلام وأمن المجتمع.

نقطة في آخر السطر، يجدر بالشباب السعوديين المحبطين والغاضبين من قلة الفرص الوظيفية أن يوجهوا غضبهم نحو بعض الشركات ورواد الأعمال وأصحاب القرار في الشركات من سعوديين أو غير سعوديين الذين يلجؤون للتحايل على الأنظمة ولا يثقون بالشباب السعودي وينظرون لهم نظرة دونية، ويتهمونهم بقلة الإنتاجية وبالكسل، بدلا أن يصبوا جام غضبهم على العمالة الأجنبية والمقيمين والمجنسين المواطنين فيتحيزون ويفرقون، ويمارسون العنصرية وإن واروها بغطاء الوطنية والسعودة؛ لتخلق بدورها دوائر من العدائية غير المبررة تضر بالكيان المجتمعي ككل، فيسيئون من حيث يظنون أنهم مصلحون.