إسماعيل محمد التركستاني

البوسطجية في القيادة الصحية

السبت - 16 ديسمبر 2017

Sat - 16 Dec 2017

لنفترض أننا في ورشة عمل، وكان عنوانها: تطوير الدور القيادي في المنشآت الصحية، وتمحور الطرح والنقاش بصيغة السؤال التالي: هل تمتلك القيادات الصحية لمختلف المنشآت الصحية الاحترافية عند قيامها بتولي زمام الأمور في المنشآت الصحية؟

إن المتابع لمعظم مقالاتي التي نشرت بصحيفة مكة يلحظ تركيزي في جزء كبير منها على هذا الجانب الهام من الشأن الصحي المحلي! لماذا؟ الجميع يدرك لما للدور القيادي من مكان هام ورئيسي في تسريع عجلة الرعاية الصحية نحو المؤشر الإيجابي، ولما لها (القيادة) من التأثير والفعالية القصوى على كل الأصعدة والاتجاهات، ولما لها أيضا من تأثير سلبي كبير جدا، قد يكون سببا جوهريا في ضياع مجهودات كبيرة وموارد مالية لا يمكن حصرها، منها أن تصاب المنشأة الصحية بإعراض.. مكانك سر!

أتيحت لي فرصة العمل بمستشفى فريمان بمدينة نيوكاسل الإنجليزية، وذلك خلال عامي (2008 - 2009)، حيث ابتعثت من قبل وزارة الصحة للتدريب على مختلف برامج سلامة المرضى ومكافحة عدوى المستشفيات.

وكان من ضمن برامج التدريب الالتحاق بدورتين: دورة في كيفية التواصل في بيئة العمل، ودورة أخرى كانت في القيادة الصحية المؤثرة. وفي المقابل، وخلال عملي الذي امتد إلى ما يزيد على الـ 25 عاما، لم يخطر أن سمعت عن مثل تلك الدورات التطويرية في بيئة العمل الصحي المحلي إلا عندما بدأت عجلة جودة العمل الصحي في الدوران، وذلك بعد إنشاء المجلس السعودي لاعتماد المنشآت الصحية، حيث أسهمت معايير المجلس عندما بدأت المنشآت الصحية الحكومية في تطبيقها في توجيه الاهتمام من قبل وزارة الصحة إلى الدور الهام المناط للقيادات الصحية.

لكن وللأسف، يمكن القول إن تلك الدورات هي مجرد محطات استراحة (من زمان أنت وينك.. شمس بيني وبينك!) لمعظم القيادات الصحية المشاركة فيها، والتي تم اختيارها (بطريقة؟!)، حيث نجد أن الواقع والنتائج: أن تلك الدورات في واد والواقع القيادي للمنشأة الصحية في واد آخر، ولا يلتقيان أبدا في التطبيق! لماذا؟ طبعا، هناك أسباب عديدة، وعلى سبيل المثال وجود فراغات كبيرة بين تلك القيادات الصحية ومختلف العاملين بالمنشأة الصحية، والذي انعكس سلبا على مستوى الخدمات الصحية المقدمة، تلك الفراغات كانت نتيجة أن تلك القيادات تجد نفسها دائما على حق وصواب، ويعملون بجد ومثابرة وأما بقية العاملين بالمنشأة الصحية فهم..!

وكما ذكرت مرارا (من خلال مقالاتي السابقة): في ظل المنظومة الصحية الحديثة، لا مكان للاجتهاد الشخصي، وإنما هو عمل جماعي، يتكاتف فيه الجميع لتقديم أفضل ما لديهم في المهام الموكلة لهم. إذن، العمل الجماعي هو توجه مطلوب تحت مظلة من الرؤية والرسالة والقيم، والتي يسعى الجميع إلى تحقيقها متكاتفين. ويأتي هنا الدور الهام الملقى على عاتق القيادات الصحية في ترسيخ تلك الاستراتيجيات والقيم، مفهوما وتطبيقا لدى العاملين تحت إداراتهم، وألا يكون دورهم كدور (البوسطجية)، وذلك كما ذكره فضيلة الشيخ المنيع عندما تحدث عن دور القيادات المدرسية في تطوير بيئة التعليم!

باختصار.. هل يستطيع المشاركون في ورشة العمل التي أشرت إليها في بداية مقالي، الإجابة عن هذا السؤال: هل لدينا محاباة عند اختيارنا للقيادات الصحية؟ وكم ستكون النسبة بين (نعم) و(لا) في الإجابة عن هذا الاستفسار؟