دور التوعية القانونية في انخفاض معدل الجرائم

السبت - 16 ديسمبر 2017

Sat - 16 Dec 2017

كثيرا ما نسمع عن المبدأ القانوني الذي يقول «القانون لا يعذر بجهله»، وننظر إلى هذا المبدأ على أنه نوع من أنواع التسلط على المجتمع، بينما لو نظرنا إليه من الجانب المشرق لوجدناه مبدأ قائما على التحذير من الجهل بالقانون، وينادي بضرورة الوعي بأساسياته.

فالقانون يقوم بتنظيم العلاقات بين أفراد المجتمع في جميع نواحي الحياة السياسية منها والاقتصادية والمجتمعية، ويسعى إلى حفظ الحقوق وبيان الواجبات، لذا فإن الوعي بالقانون واحترامه مطلب أساسي لبناء مجتمع صحي يسود فيه الأمن والاستقرار، مما ينعكس إيجابا على رقيه وازدهاره؛ فنضج المجتمعات وتقدم أفرادها يقاسان بمعرفتهم القانونية ومدى احترامهم لها، فالوعي بالقانون دليل على احترامه، واحترام القانون دليل على الوعي به، ولا يمكن الوعي بالقانون واحترامه ما لم يثقف المجتمع بحقوقه وواجباته.

والمجتمع السعودي مثله مثل تلك المجتمعات التي تعاني شرائح كبيرة منها من نقص حاد في الوعي الحقوقي، ففي استطلاع أجري عام 2015 على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) طرح سؤال حول الوعي القانوني بالحقوق شارك فيه 360 شخصا أجاب 93% بـ (لا) بينما أجاب الباقي بـ (نعم).

ومن هنا لا نجد غرابة في ضياع حقوق بعض أفراد المجتمع نتيجة جهلهم بحقوقهم وطرق المطالبة بها، وما يجب عليهم من واجبات، مما نتج عنه تطاول بعض أفراد المجتمع على القانون وعدم احترامه، ففي الإحصائية الأخيرة لوزارة الداخلية العام الماضي وصلت القضايا الجنائية إلى 149781 قضية، بينما استقبل تطبيق «كلنا أمن» أكثر من 495 ألف بلاغ عن الجرائم المعلوماتية، أي ما يعادل أكثر من 1300 بلاغ يوميا، والتي يقع أكثرها في جرائم السب والقذف والتهكير. ولا شك أن مثل هذه الجرائم تكلف الدولة الجهد والوقت والمال وتؤثر سلبا على أمن واستقرار المجتمع.

وحتى لا نكون سوداويين فإن هنالك بوادر ارتفاع مستوى الوعي لدى أفراد المجتمع، والذي يرجع إلى وجود برامج توعوية تقيمها بعض الجهات الحكومية، وكذلك بعض المهتمين في مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن ومع هذا فإنها تبقى قليلة مقارنة بالحاجة الفعلية للتوعية.

ومن هنا أدعو وزارة التعليم لضرورة دراسة وضع مواد قانونية في المراحل الأولية، وإقامة الدورات والملتقيات الحقوقية. كما آمل من وزارة العمل والتنمية الاجتماعية القيام بالدور المنوط منها، وذلك بتنمية الثقافة الحقوقية لدى أفراد المجتمع. ولا أنسى إخوتي المحامين والمستشارين القانونيين وكل من يعمل في تحقيق العدالة أن يساهم في رفعة بلده والرقي به ونيل الأجر العظيم الذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث أبوهريرة رضي الله عنه «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا..» رواه مسلم.

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال