فاتن محمد حسين

معارض الكتاب.. أعراس وكرنفالات ثقافية

الجمعة - 15 ديسمبر 2017

Fri - 15 Dec 2017

أصبحت معارض الكتاب في الدول العربية مواسم ينتظرها المهتمون بالشأن الثقافي بشغف كبير، حيث لم تعد مجرد بازرات لبيع الكتب؛ بل أصبحت ربحا ثقافيا وفكريا وعلميا وأدبيا وفنيا. فبالرغم من الفائدة الاقتصادية والمادية التي تعود على دور النشر من إقامة المعارض، إلا أن لها قيمتها الثقافية التي لا تقدر بثمن، سواء على الفرد أو المجتمع؛ حيث تسهم المعارض في نشر قيمة الكتاب، وذلك من خلال الاطلاع على مستحدثات ثقافية متنوعة، وخلق مساحة للمناقشة والحوار بين الكاتب والقارئ وبين المثقفين في مختلف المجالات من خلال الفعاليات والندوات والأمسيات.

ولعل أهم ما تطمح له معارض الكتب هو إيجاد جيل جديد مقبل على القراءة والاطلاع، وذلك لأنها تستقطب كافة المستويات العمرية، خاصة الأطفال الذين يجدون في العروض القصصية والسينمائية والمسرحية والغنائية المصاحبة للمعارض وجبة ثقافية في قالب ترفيهي، يحفزهم على التفكير والإبداع.

وقد أقيمت معارض الكتب في بعض بلدان العالم العربي منذ الخمسينيات من القرن الماضي، حيث بدأ معرض بيروت للكتاب، وهو الآن في دورته الـ 61، وكذلك معرض القاهرة الدولي وهو من أكبر معارض الكتاب في الشرق الأوسط، وبدأ في عام 1969، حيث عهد وزير الثقافة – آنذاك- ثروت عكاشة إلى الكاتبة والباحثة سهير القلماوي الإشراف على إقامة أول معرض للكتاب. ثم انتشرت معارض الكتب في أنحاء الدول العربية والخليجية التي أدركت أهمية مواكبة العالم في التشجيع على القراءة لأهميتها في إيجاد الوعي المجتمعي، والتواصل مع الحضارات، ومواكبة

التغيرات الثقافية والعلمية والفكرية. ولم تبق دولة عربية خارج هذا المبدأ. وبعضها مثل المغرب: لديها 16 معرضا للكتاب سنويا تقام في المدن الكبرى. وهذا حتما ينعكس أثره الإيجابي على ثقافة ووعي المجتمع.

وفي مملكتنا الحبيبة أقيم أول معرض دولي للكتاب في الرياض عام 2006 وهو الآن في دورته الحادية عشرة، وقد وجد إقبالا منقطع النظير، حيث يتقاطر عليه المثقفون من كل أنحاء المملكة لإشباع نهمهم للتزود من الكتب الجديدة في كل المجالات. وهو يحصل على عدة مئات من الزائرين سنويا.

ولعل إدراك وزارة الثقافة والإعلام بأهمية معرض الكتاب - بعد نجاح معرض الرياض للكتاب - أقامت معرض جدة الدولي للكتاب لأهمية الموقع الجغرافي لجدة، وقربها من مكة المكرمة والمدينة المنورة ووجود عدد كبير من المعتمرين والزائرين، بالإضافة إلى عدد السكان الذي يصل إلى 5 ملايين نسمة، وكل تلك المعطيات كانت مؤشرا مهما لنجاح المعرض.

ويتيح المعرض الفرصة لأبناء المنطقة الغربية للمشاركة في عرس وكرنفال ثقافي يقيمه للعام الثالث على التوالي، وهو في تحد كبير للمنظمين لإنجاحه؛ حيث وضعت خطط وبرامج ثقافية جديدة فأصبح المعرض حالة ثقافية متكاملة تهتم بالعلوم والمعارف والآداب، والفنون والثقافة العامة. وهو يركز على التبادل الفكري بين المثقفين في مجالات مختلفة، كما يتيح الفرصة للاطلاع على الثقافات الأخرى والحوار مع الآخر، فهناك 5 دول مشاركة في معرض جدة للكتاب: اليابان والصين وتركمانستان، ودول الاتحاد الأوروبي، وأمريكا، وكل منها لها مشاركات ثقافية قيمة، وهناك أفلام سينمائية ومسرحيات، وعروض إكروباتية، وورش فنية للرسم، والفن التشكيلي ومحاضرة فنية يشارك فيها الفنان (ديفيد داتونا)، كما تقدم محاضرات أدبية وندوات ثقافية مثل: ندوة (ماذا يريد المثقفون من الأندية الأدبية) ويشارك بها رؤساء الأندية الأدبية في المنطقة الغربية، وهي فرصة لتبادل الآراء المختلفة لعلاج مشكلات الأندية الأدبية. كما يعزز المعرض المواهب الإبداعية، مما يرفد الوطن بمختلف الاختراعات الحديثة وتنمية مواهب الشباب والشابات؛ حيث يقدم معرض جدة للكتاب تجربة فريدة وهي: (هاكثون) تحدي ابتكار القراءة عن طريق البرمجة والتطبيقات الحديثة في قراءة الكتاب، وهو بهذا يعتبر تظاهرة ثقافية تحافظ على قيمة الكتاب بالرغم من كل المتغيرات التقنية الحديثة، فهو لا يزال يحتفظ بمكانته التي احتلها لدى عشاق المعرفة.

أخيرا وللاستفادة من زيارة معرض الكتاب لا بد من:

1 كتابة قائمة بما ترغب بشرائه من كتب قبل الذهاب للمعرض.

2 التجول داخل أروقة المعرض قبل شراء أي كتاب والاستفادة من الكمبيوترات الموضوعة للاطلاع على الكتب وأسعارها ودور النشر التي تسوقها.

3 جعل المعرض فرصة للحصول على جرعة تثقيفية للاطلاع على ثقافة وأفكار الآخرين.

4 المشاركة بالحضور في الفعاليات والندوات التي يقدمها كبار الكتاب فتجاربهم الحياتية بالتأكيد مهمة وتضيف لك بعدا ثقافيا.

5 لا تجعل السلفي يأخذ وقتك واهتمامك.. لتقول: شوفوني أنا مثقف..!

Fatinhussain@