دخيل سليمان المحمدي

عندما يكون الحوار شجارا

الخميس - 14 ديسمبر 2017

Thu - 14 Dec 2017

ما إن تدير موجه تلفازك من محطة إلى أخرى حتى تشاهدهم وقد اجتمعوا واستداروا متجهمين وكأنهم جهابذة حول تلك الطاولة بكامل حلتهم يتناقشون أو ينقشون، ويتشاتمون أو يشتمون، ويتشاجرون على أنهم يتحاورون وينتقدون. كأنهم في إحدى استراحاتهم الخاصة لما يصدر منهم من أمور خارجة عن نطاق اللباقة وأدب الحوار، بعيدة كل البعد عن المهنية والرسالة الإعلامية.

الكثير من هؤلاء الذين غصت بهم قنواتنا هم مستعملون ومستعلمون، لا يعلمون من مهارات الحوار الهادف إلا الاسم، وبعضهم لا يعلمون بأن للحوار مهارات.

تجدهم وقد تشنجوا صراخا وشتما وسبا حتى تصدروا وأصبحوا المركز الأول في استفحال التعصب الرياضي الذي جعل المشهد الإعلامي الرياضي مقززا ومنفرا من بيئته التي صارت مسرحا لكل من هب ودب، غير الآمنة للجيل الجديد من هواة الرياضة والإعلام، وذلك لتعمدهم إضفاء الإثارة المزيفة على فقرات برامجهم لجذب انتباه المشاهدين المتعصبين، دون أي مراعاة لأدبيات الحوار والمنطق، ليخرجوا ملوثين للأسماع كل ليلة بصراخهم وتعصبهم لألوانهم المختلفة.

عرف علم الاجتماع الحوار بأنه لغة الفكر السليم الخالي من أي اعتلال، وهو لغة النفوس الصحيحة الخالية من أي أمراض نفسية تخدش صفاء ونقاء ووجدان ومشاعر الروح الإنسانية في مسيرتها الحياتية، جنبا إلى جنب مع عقلها الذي لا يحيد عنها في سلوكها الجاد على الصراط المستقيم. فالإنسان الذي لا يجيد الحوار مع نفسه لمعرفة أخطائه وتصويبها لا يمكنه أن يشارك الآخر في الحوار الجاد والبناء. وللأسف الشديد أصبح التصفيق والتشجيع والمتابعة لهذا الشخص الذي لا يفقه من الحوار شيئا، بل تجده دوما متشنجا مدافعا عن لونه وميوله بصوت عال لا يعطي الفرصة لمن يحاوره بالكلام، معبرا عن تعصبه بالضرب على طاولة الحوار بيده، فالاستمرار بضيافة هؤلاء المتشاجرين الذين أعمت بصائرهم ألوان الأندية ليصرخوا تصفية لحساباتهم خطأ وجريمة، وسيزيد من ظاهرة التعصب في النشء، ويحتاج إلى وقفة من الجهات العليا.

فكم أتمنى أن يكون للحوار نصيب من سياسة التعليم حتى يخرج لنا جيل هادئ ينقل لنا وجهة نظره بهدوء وبنبل.

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال