عبدالله الجنيد

القدس وصفقة القرن

الثلاثاء - 12 ديسمبر 2017

Tue - 12 Dec 2017

الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل جاء لخدمة توافق المصالح من حيث التوقيت والنتائج بما يتوافق ومصلحة كل من الرئيس ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فكلاهما يمر بأزمة قانونية ذات أبعاد سياسية كبرى، فالاعتراف حيد من زخم الضغط السياسي ووحد الكونجرس والكنيست خلفيهما، وضمن لرئيس الوزراء نتنياهو إرثه التاريخي مع المؤسسين لدولة إسرائيل، مما قد يضمن له الأغلبية في الانتخابات المقبلة، وتشكيل حكومة دون الحاجة للائتلاف مع أقصى اليمين الإسرائيلي. وكذلك هو الحال بالنسبة للانتخابات التكميلية في الكونجرس، وفرصة زيادة نسبة مقاعد الحزب الجمهوري الذي سيكون أكثر وفاء للرئيس.

الرفض وعدم التفهم الدولي لقرار القدس لم يكونا خارجيا فقط، فوزير الخارجية تيلرسون وكذلك الدفاع ماتيس تحفظا لما لذلك القرار من تبعات على الساحة السياسية شرق أوسطيا، خصوصا أن الحرب على الإرهاب (داعش) لم تضع أوزارها بعد.

كذلك لم يؤخذ في الحسبان تأثيرها السلبي الكبير على جهود المملكة العربية السعودية تحديدا في دعم جهود إحلال السلام السعودية أصلا. فبالرغم من أن البيان التفصيلي المرافق للاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل لم يتجاوز على الموقف النهائي حسب معاهدات السلام الموقعة، إلا أنه خلا من الإتيان على أي ذكر لها، لذلك سارع رئيس الوزراء نتنياهو بمطالبة العالم بالاعتراف بنفس الأمر، مما يعطيه ما تبقى من تحقيق يهودية إسرائيل.

نجاح نتنياهو في إقناع الرئيس ترمب بهذه المناورة الخطرة سيكون على حساب المصالح الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، لأنها لن تسهم في دعم مساعي تحقيق الاستقرار. والأخطر من ذلك أن الدول الداعمة لتحقيق السلام في الشرق الأوسط لن تتمكن من التفاوض مع وجود ذلك النص الصريح «بأن القدس عاصمة لدولة إسرائيل» دون ذكر عاصمة لدولتين. وتؤكد استقالة دينا باول مساعدة مستشار الأمن القومي الأمريكية حجم الصدمة من قرار الرئيس ترمب. ودينا باول عضو رئيس في الفريق الرئاسي المكلف بالتفاوض في عملية السلام بقيادة جاريد كوشنر صهر الرئيس ترمب.

السلام ليس من ضمن أولويات نتنياهو بقدر تحقيقه إرثا سياسيا يتجاوز هيرتزوج وبنجوريون، أما ثانيا، فرضه شرط الاعتراف بإسرائيل وعاصمتها القدس أولا قبل قبوله مبادرة السلام العربية. نتنياهو نجح في إقناع المندفع ترمب بضرورات الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل عبر شخصيات ومؤسسات أمريكية داعمة لإسرائيل مثل منتدى سابان ورئيسه حايم سابان. وذلك تحديدا ما أكده كوشنر شخصيا في لقاء له في 3 ديسمبر الجاري أمام حشد عريض في منتدى سابان (Saban Forum) حيث أجاب بالتالي «حسم الوضع النهائي هو المطلوب لإجبار الجميع على الانتباه للأمور الأهم لا الإسراف في العناية بالأمور الثانوية».

ما يفصلنا عن القرار وافتتاح السفارة في القدس هو مسافة زمنية لن تزيد عن 48 شهرا، لذلك على السلطة الوطنية الفلسطينية أخذ زمام المبادرة والتوجه رأسا لمحكمة العدل الدولية للبناء على قرار سابق لاجتماع استثنائي طارئ للجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 8 ديسمبر 2003 وإصدارها قرارها رقم ES-10/‏14 طلب فتوى من محكمة العدل الدولية حول شرعية مصادرة أراضي فلسطينية ضمن حدود 1967.

وقد أصدرت المحكمة الدولية قرارها في 9 يوليو 2004 أولا حول الاختصاص في إصدار الفتوى، وثانيا إدانتها مصادرة أي أراض خارج إطار القانون أو حسب توافق طرفي اتفاقيات السلام.

من هنا على منظمة التحرير الفلسطينية أولا تقييم أدائها السابق، وربما المسارعة إلى الإعلان عن انتخابات مبكرة. وقد يكون من الأجدى والأنفع اعتزال قياداتها الحالية العمل السياسي وإعطاء الفرصة لقيادات جديدة إن لم نقل شابة. منطقة الشرق الأوسط تمر بتحولات حقيقية كبرى وعلى الفلسطينيين الاستفادة القصوى من كل دروس الأمس، وعليهم إعادة التفكير في مكانة البندقية من القضية لا القضية في خدمة البندقية.

aj_jobs@