عبدالله المزهر

«المرجلة» .. حتى وإن كانت مؤذية!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الاحد - 10 ديسمبر 2017

Sun - 10 Dec 2017

ثم أعلن ترمب رئيس أم العالم بأنه سينقل سفارته إلى القدس، لأنها - كما وعد في حملته الانتخابية - عاصمة الدولة «اليهودية» وأن إسرائيل ستبقى دولة يهودية إلى الأبد.

ولا بد أنه كان يتوقع أن يغضب العرب والمسلمون بسبب قراره هذا، ولكني أظن والله أعلم أنه قد فوجئ بأن الغضب قد تحول من غضب منه ومن قراره إلى غضب وشتائم بين العرب والمسلمين أنفسهم. وهذا أفضل مما كان يتوقعه بكثير.

وسائل التواصل حاليا أصبحت هي من يقرر متى وأين وكيف وممن تغضب، ولذلك فإن بضع تغريدات من هنا على بضع شتائم من هناك كفيلة بتوجيه بوصلة أي شيء إلى أي مكان.

مع أن الفكرة في فلسطين والقدس سهلة ولا تحتاج إلى كثير من المجهودات، لكن المهم لم يعد البحث عن الحقيقة ولا تبنيها، المهم الآن هو البحث عن أي شيء يمكن أن تفرغ فيه شحنات الغضب. حتى لو لم يكن لهذا الشيء علاقة بالقضية التي تسببت في الغضب. وهذا نوع من الحيل النفسية، تبحث عن تصرف يجعل ضميرك يرتاح تجاه قضية ما مع أنك لم تفعل شيئا حقيقيا تجاهها.

تخيل أن تشاهد منزل جارك يستولي عليه اللصوص ويطردونه منه، ثم حين تسأل عن شهادتك تقول إن جارك هذا لديه أبناء يشتمونك ولذلك فإن المنزل من حق اللص.

وفي فلسطين فإن الموقف من الفلسطيني الذي يخون قضية الأقصى هو ذات الموقف من الصهيوني الإسرائيلي، لأن المسلمين لا يدافعون عن الأقصى لأنه يخص الفلسطينيين بل لأنه يخص المسلمين جميعا. المسألة مبدئية لا تغيرها الشتائم ولا يبدلها الجحود.

وهذا موقف القيادة السعودية على مر العصور، لم يكن دعمهم من أجل أشخاص، أو لشراء مواقف، ولو كان الأمر كذلك لتغيرت مواقفهم ودعمهم بعد حرب الخليج التي وقفت فيها القيادة الفلسطينية مساندة للطرف المعادي للسعودية. لكن ذلك لم يحدث لأن دعمهم كان من أجل مبدأ.

وسواء كنت تحب السعودية أو تكرهها فإنك تعلم يقينا أنها تدعم في صمت أكثر مما تدعم تحت أضواء الفلاشات، وربما كان هذا سببا في «بعض» ما ينالها من أذى. فالناس للأسف تصدق وتتأثر بالبهرجة الإعلامية والخطب الرنانة أكثر من أي شيء آخر. وأقر وأعترف بأن السعودية ليست بارعة في هذا كثيرا.

وسواء كنت متيما بحب السعودية أو مريضا بكرهها، فلا بد أنك تعلم أن السعودية لا يغيظها نجاح أشقائها، وتمد يد العون إلى كل باحث عن النجاح. وهذه سياسة لا ينتهجها بعض إخوتنا، فنجاحهم يقاس بمدى الإساءة للآخرين وتشويه صورتهم ومحاولة تعطيلهم.

وعلى أي حال..

سياسة «المرجلة» ليست سائدة هذه الأيام، السائد هو أن تتحدث عن حق الشعوب والحريات، وتستضيف المعارضين وتزين شوارعك بصور وأعلام القدس وفلسطين، ثم تفعل بعد ذلك ما تشاء، حتى لو نمت بعدها مع نيتنياهو على فراش واحد، فلن يصفك كثير من العرب بأنك خائن.

@agrni