مجلس الشورى.. النخبة والإثارة!

الاحد - 10 ديسمبر 2017

Sun - 10 Dec 2017

يتندر المواطنون - أحيانا- بما يصدر من بيانات ذات طابع مثير منسوبة إلى مجلس الشورى، وقد يتحول ذلك إلى نوع من السخط ورفض تقبل ما يصدر من المجلس الموقر، وقد يصل بالبعض إلى حد المطالبة بإغلاق المجلس أو ضمه إلى جهات اجتماعية أو ترفيهية أخرى منتشرة في البلاد طولا وعرضا.

هناك بالفعل أمور تصل إلى حد الاستفزاز وإثارة الرأي والرفض لبعض المداولات التي تحدث تحت قبة الشورى، وهي سبب مباشر لسلبية العلاقة بالجمهور.

لا ينسى أغلبنا ما صدر سابقا من نقاشات تخص فقس عدد 79 بيضة من أصل 1716 من بيض طائر الحبارى، وما حدث مع شجر الأراك، وقبلها أسباب تدني مستوى منتخب كرة القدم. كما انشغل منذ أيام بنقاش لا يقل إثارة عما سبق ذكره، حيث عرج على أمر ترتيب (أحذية) المصلين أمام المساجد، وسارعت وزارة الشؤون الإسلامية بالرد البديهي على ذلك، حتى تنهي هذا النقاش وتؤكد تخصيص أماكن لوضع (الأحذية)، وأن عدم التزام المصلين بها عائد إلى ثقافتهم!

وحديثا تحرك المجلس واعتمد نهجا جديدا في طرح القرارات تحت مسمى (الموافقة على ملاءمة المشروع)، وذلك محاولة للحد من تسلل المواضيع المثيرة للجدل إلى المجلس، وقد واجه هذا النهج مشروعا لنظام تقدم به أحد الأعضاء يؤسس لـ(التحري المدني الخاص) أو (شرعنة التجسس) الذي تمت معارضته، حيث أكد رأي الأقلية أن رأي الشريعة في ذلك جاء بتحريم التجسس على الناس من قبل الآخرين أو المؤسسات الخاصة للأغراض الخاصة وتحريم الغيبة والنميمة وتحريم إشاعة الفاحشة وتحريم تتبع عورات الناس وتحريم القذف أو الاتهام.

لكن أن ينعقد مجلس الشورى المكون من أهل العلم والخبرة والاختصاص والعلماء في كافة المجالات العلمية ليناقشوا كل هذا، كان هذا مخيبا ومسببا للإحباط، مع القناعة التامة بأن كل وزارة لديها متخصصون في مختلف المجالات وهم أعرف من غيرهم بتفاصيل المشاكل وحلولها، ودخول المجلس - بالعرض- في هذه التفاصيل يفتح أبواب التهكم، فمثل هذه الأمور لا يلزم نقاشها في المجلس. كما أن مداولات المجلس لن تكون أفضل من الجهات المعنية بالمسؤولية المباشرة عن الحلول، والتي تكون - عادة- أقساما قائمة بذاتها وبخبرات أكثر تخصصية في كل وزارة ودائرة

حكومية!

من الضروري أن تكون هناك دائرة للتواصل الإعلامي مع الجمهور لتعزيز مكانة المجلس ورفع قدره في نظر المواطن، وأخرى للتأكد من سلامة وأهلية النقاش للمواضيع والاستشارات المطروحة ومدى قابليتها للذوق العام.

أما أن يستمر المجلس في هذه الآلية لمناقشة مواضيع مثيرة فهو أمر يعتبر من الأمور المغيبة عن العامة.. ولا بد من تقصي أسباب وجود مثل هذه النقاشات واستحواذها على اهتمام الصفوة من المجتمع ونخبة من اختارهم ولي الأمر للمجلس.

حان الوقت لإعادة النظر في آليات عمل المجلس مع الحفاظ على هيبته التي خدشتها أنثى الحبارى ومساويك الأراك وركوب الدراجات للجنسين ومراحيض وزارة الشؤون البلدية العامة، حتى لا يصاب المواطن بإحباط حيث يستشعر ضياع طموحاته مع الاهتمام بمثل هذه الطروحات، ويتساءل البعض هل انتهت كل مشاكل الشعب السعودي من بطالة وإسكان وغلاء معيشة وفساد ومشاكل الشباب وحوادث الطرق وغيرها، خصوصا ونحن في عهد الحزم والعزم والتقشف والتوجيه الصحيح لثروات ومقدرات الوطن في الاتجاه الأمثل.

مع ثقتنا بأن الأعضاء لم يناقشوا هذه المواضيع بالسطحية التي أظهرها الإعلام، وأن غالبية المواضيع التي يناقشها المجلس تمس المواطن بشكل مباشر أو غير مباشر.

التطور يمر ببطء شديد ولا بد من تسريع الخطوات وإعادة هيكلة المجلس وتوسيع صلاحياته بدعم مباشر من صانع القرار، والخروج من الدور الاستشاري والتنظيري والذي – غالبا- يتأخر في إعطاء نتائج ملموسة، فأغلب القرارات أتت من صانع القرار مباشرة بعد أن أشغلت الدراسات أعضاء المجلس ومكثت في ملفاتهم لفترات طويلة..!

وعلى المجلس وهيئاته الاستشارية البدء بهذه المبادرة وعرضها على القيادة العليا لاتخاذ ما يلزم حيالها، كما ورد في الهيكل التنظيمي - صلاحيات مجلس الشورى: (لمجلس الشورى اقتراح مشروع نظام جديد أو اقتراح تعديل نظام نافذ بدراسة ذلك في المجلس وعلى رئيس مجلس الشورى رفع ما يقرره المجلس للملك حسبما وضحت المادة الثالثة والعشرون من النظام).

من الضروري أن يواكب المجلس التطور العصري والمتسارع للمملكة في هذا العهد الذهبي من تاريخ البلاد بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الشاب حفظهم الله ورعاهم.

أخيرا.. لا تنسوا أنكم من صفوة هذه البلاد الطاهرة.. و(يا جبل ما يهزك ريح)!