فايع آل مشيرة عسيري

رقصة الثعبان الأخيرة!

الخميس - 07 ديسمبر 2017

Thu - 07 Dec 2017

منذ أن وضع قدميه على كرسي الرئاسة بعد مقتل الرئيس الغشمي وعلي عبدالله صالح هو قائد اليمن الأوحد والذي عبر باليمن الكثير والكثير من الأزمات طيلة ثلاثة عقود ونيف!

الرئيس السابق علي عبدالله صالح هو الحاضر الغائب في المشهد اليمني، بل والمحرك السياسي لكل القضايا اليمنية، فقد أدمن لعبة المراوغات السياسية إدمانا لا يجعله خارج منظومة الصراع السياسي اليمني، والرقص على رؤوس الثعابين، والتي كثيرا ما رددها في خطاباته أمام الجماهير.

هذه العبارة استطاع صالح أن يتغلغل من خلالها لكل مواطن يمني، بل وصلت هذه العبارة إلى ما هو أبعد من حروفها ودلالاتها وإيحاءاتها، حتى باتت خالدة في ذاكرة الشعوب العربية عامة والشعب اليمني خاصة خلودا دكتاتوريا اعتادت عليه العقلية العربية تحت مظلة الحرية السياسية والديمقراطية من خلال تزعمه لحزب المؤتمر الشعبي الذي كان وما زال له الأب الروحي والذي كان قد اخترعه بعد انتفاضات 2011 كي لا يكون بعيدا عن كرسي الرئاسة، واتخذ من هذا الحزب مقرا يمارس الحياة السياسية كمواطن يمني ورئيس للحزب ليس إلا!

والحقيقة التي راودت صالح عن نفسه وكشفت داء الرئاسة الذي يسكنه ويعيث به في كل جانب عقليته الباطنية ومخيلته الفنتازية التي لا تنفك تذكر قصر رئاسته وعقود السلطة السياسية والحل والربط وإن ترك ذاك القصر الرئاسي!

صالح يملك من الجرأة على اجتراح المتناقضات ما يحار معه المراقب عن كثب للمشهد اليمني، اقترب منه الموت كثيرا ونجا يومها بأعجوبة بعد تفجير مسجده في يوم جمعة كاد ينهي مصيره ونقل للرياض جسدا متفحما وبقايا روح نابضة، وعندما عادت الروح لجسده المتهالك عادت له الحياة ولكنها على كف عفريت، وعادت معها أفكاره الشيطانية ولعبته المثيرة مع رؤوس الثعابين ومراوغة الألغام، وإن كانت أمام عتبات بيته مهارة وخبرة وحكمة وحنكة تذهب بالاختلاف السياسي ومعها بالشعب اليمني إلى ميادين أخرى أشبه باللعب خارج حساب القانون والتمرد على حساب وطن عانى كثيرا من غوايات الحكم والرئاسة.

صالح التاريخ الطويل المليء بالمفارقات والتناقضات والروايات التي قد كشفت والتي لم تكشف!

صالح الذي كان يتحالف وسرعان ما ينقلب على هذا التحالف بطريقة غريبة ليأتي بصدمة جديدة ويغدر بالصديق ويتفق مع العدو، فلا صديق دائم ولا عدو دائم، هكذا هي ثورة صالح على حكمه بعد أن رآه قد سلب منه؟!

رقصة الثعبان الأخيرة والتي رأى فيها صالح مدى الجرم الذي ارتكبه بالسماح للحوثيين الأعداء العبث باليمن ودعمهم ضد الشرعية ودول الجوار الشقيقة وأولها المملكة العربية السعودية، ولكن هذا الثعبان قد درس صالح طويلا وعلم كيف يقضي على كل مهاراته في الترويض، وحين أراد صالح أن يعود لجادة الصواب السياسي كانت لدغة الثعبان القاتلة والمؤلمة والتي لم تمنحه المزيد من التكتيك والتخطيط للتخلص من هذا الثعبان اللئيم الذي سيجلب لليمن الكثير من الثعابين الإيرانية، وعندها سيكون علي صالح في قائمة البائعين لأوطانهم!

كان خطابه الأخير أشبه بتأنيب الضمير، وعاد يلاعب هذا الثعبان العدو الدائم، وإن بات حليفا موقتا في مرحلة لم تكن محسوبة على علي عبدالله صالح، وكانت النهاية التي لم يكن يتوقعها المتشائمون فضلا عن المتفائلين.

ومضة:

يقول الشاعر عبدالله البردوني:

هل تدري صنعاء الصرعى

كيف انطفأت؟

ومتى تنشر؟

كالمشمش ماتت واقفة

لتعد الميلاد الأخضر

تندى وتجف لكي تندى

وترف ترف لكي تصفر

وتموت بيوم مشهور

كي تولد في يوم أشهر

ترمي أوراقا ميتة

وتلوح بالورق الأنضر

وتظل تموت لكي تحيا

وتموت لكي تحيا أكثر