غزل اليزيدي

الاقتصاد الدولي.. حقائق وتحديات

الثلاثاء - 05 ديسمبر 2017

Tue - 05 Dec 2017

الاقتصاد الدولي عبارة عن الإطار الذي يجمع المعاملات الاقتصادية بين دول العالم، والتي تهتم بالتغيرات التي تطرأ على سعر الصرف، والعلاقات التجارية بين الدول وقدرتها على المنافسة والتبادل التجاري فيما بينها. أيضا، يهتم بتوضيح أوجه التعاون بين الدول ونتائج هذا التعاون وتأثيره على سكانها وعلى المنظمات الاقتصادية. بصفة عامة، فالاقتصاد الدولي يهتم بدراسة العولمة بمفهومه الاقتصادي.

من جهة أخرى، يمكن تقييم الاقتصاد الدولي بطرق مختلفة، إحدى هذه الوسائل بالاعتماد على النظام الاقتصادي المستخدم والتقييم الذي وصلت إليه الدولة. حاليا، فإن الاقتصاد الدولي يواجه تحديات عدة وستتم مناقشة بعضها في هذا المقال.

تتعدد الأسباب المؤثرة على اقتصاديات الدول المختلفة، فمن أهم هذه التحديات التي تواجه الاقتصاد الدولي هو الفقر، وعدم المساواة في الدخل، وزيادة معدل وفيات الرضع نظرا لسوء الحالة الغذائية والصحية. يمكن تعريف الفقر بأنه عدم قدرة الإنسان على الحصول على احتياجاته الفسيولوجية كالماء، الغذاء والدواء. هذه المشاكل وغيرها تصنف بأنها كارثة، وذلك بالنظر إلى أبعاد هذه المشكلة على البشر سواء محليا أو دوليا.

تشير تقديرات بعض المنظمات والهيئات الدولية إلى أن نحو مليار إنسان في العالم يعيشون على أقل من دولار واحد في اليوم، بالإضافة لهذا، فإن أكثر من مليار إنسان لا يستطيعون الحصول على مياه نظيفة صالحة للشرب. أيضا، فإن 2.4 مليار شخص لا تتوفر لديهم المرافق الصحية النظيفة، وهذا يعني مشكلة في الصرف الصحي والتي تؤدي إلى حدوث مشكلة بيئية.

تجدر الإشارة إلى أن الجوع يقتل حوالي 5 ملايين طفل في العالم كل عام، ويبلغ متوسط العمر المتوقع لسكان بعض الدول الأفريقية التي تعاني من هذه الأزمات أقل من 35 عاما. فعلى سبيل المثال: في عام 2006 توفي ما يقارب من 10 ملايين طفل تقل أعمارهم عن 5 سنوات من العمر، وذلك وفقا لإحصاءات اليونيسيف، ويشكل حديثو الولادة والرضع 4 ملايين من أعداد هذه الوفيات. فقد حذر صندوق النقد الدولي من أن تجاهل التعامل مع هذه التحديات، بالخبرة والسرعة اللازمين، من شأنه أن يساهم في مزيد من السوء وتأزم الوضع الداخلي لكل دولة، مما يؤدي لأزمة اقتصادية جديدة أشبه بما حدث في السابق.

من أبرز التحديات الأخرى التي تواجه الاقتصاد الدولي هي التحكم والسيطرة على ارتفاع معدلات التضخم، تعديل ارتفاع أسعار المواد الغذائية وإزالة العقبات التي تعترض التنمية الاقتصادية الدولية. علاوة على ذلك، مسؤولية الاتحادات والنقابات العمالية. وينبغي التركيز بعناية في اتجاه العرض والطلب في سوق الحبوب الغذائية ومختلف المواد الغذائية الأولية في العالم بصفة عامة، بالإضافة للتعامل مع بعض قوانين التجارة الدولية في الاقتصاد الدولي.

من المهم معرفة أن الاقتصاد الدولي بقوانينه وآرائه الحديثة مترابط الأهداف بشكل جدي للغاية، وقد ساعد في التطورات الأخيرة التي حدثت في مجال الاتصالات والتي بدورها سهلت التواصل دوليا والوصول إلى المعلومات المتداولة عالميا بسرعة. فعند وجود تعاون اقتصادي على جميع الأصعدة بين دولتين أو أكثر فإن هذا الربط الاقتصادي يسهل نقل وتبادل المعلومات بصورة أكبر. ويمكن لتقلبات السوق أن تنتشر بسرعة أكبر من خلال قنوات الربط الاقتصادي. فعلى سبيل المثال: تسببت الأزمة الاقتصادية الأمريكية عام 2009 في تقلبات سوق الأسهم الدولية، مما أدى لرفع معدل البطالة إلى مستويات عالية خطيرة كان لها تأثيرها السلبي على جميع نواحي البلاد بشكل عام، ونتيجة لذلك ونتيجة للربط الاقتصادي بين الولايات المتحدة الأمريكية وعدد كبير من الدول فإن العالم كله يتجه نحو الركود الاقتصادي نتيجة لتأثره وترابطه بالاقتصاد الأمريكي على نحو ما. هذا يوضح أن العولمة وتكامل الأسواق وترابطها اقتصاديا يمكن أن تؤدي لزيادة المخاطر التي يتعرض لها أحد الأسواق العالمية نتيجة لتأثره اقتصاديا بسوق عالمي آخر.

ورغم الحرص على التعامل بحذر مع العوامل المؤثرة، خشية وقوع المزيد من الأزمات، إلا أن الخبراء الاقتصاديين أجمعوا على أن النمو العالمي سيستمر ولكن بخطى بطيئة عكس ما هو مرجو، وهذا سيترك أثره السلبي على اقتصاد الدول. وهذا واضح نظرا لحالة الجمود الاقتصادي التي لازمت العديد من هذه الاقتصاديات ولوائحها التنظيمية.

ومن أبرز المؤشرات على هذا التأثير السلبي هو ملامح الانكماش السعري، والذي هو عكس التضخم ويسمى بالتضخم السالب، لأن الأسعار في هذه الحالة تهبط لأقل من المعدل الطبيعي لها، أي أقل من نقطة الصفر. أيضا، سيكون من آثاره السلبية ضعف ثقة المستثمرين، مما يؤدي لتراجع النمو الاقتصادي والمعروض، وسيكون سببا قويا لزيادة الدين العام على اقتصاد الدول. لهذه الأسباب وغيرها ما زالت التوقعات متشائمة بشأن عودة أسعار النفط للانتعاش عما كانت عليه منتصف عام 2014.

مؤخرا، عاد الازدهار شيئا فشيئا لحركة التجارة العالمية بعد الجهود الدولية لإعادة الثقة للاقتصاديات الدولية، وذلك بعد انكماش اقتصادي طويل. على الرغم من جوانب الضعف العديدة لاقتصاديات الدول المتوسطة والمرتفعة الدخل، إلا أنه وبسبب الجهود الدولية ومرونة القوانين التجارية فيما بينها، فقد ساعد هذا على تحسين وضعها الاقتصادي بشكل ملحوظ بين الدول النامية. فنسبة التعاون التجاري بين الدول النامية وصلت 50 % من إجمالي تجارتها الخارجية، مما أدى لارتفاع معدل النمو في هذه الدول بما يفوق 17 % عما كان عليه الوضع في السنوات السابقة.

باختصار، فإن عمق وضخامة التحديات التي يواجهها العالم لأمر مروع. الطريقة الوحيدة لتجاوز هذه الأزمات هو من خلال تنفيذ إجراءات مخططة ومدروسة جيدا للتعامل بها مع مختلف الأزمات التي يواجهها العالم، مثل اللوائح والسياسات المناسبة والقوانين المالية، ولتحقيق المقبول منها لا بد من التعاون الشامل بين صناع القرار وبين الدول على اختلاف توجهاتها السياسية والاقتصادية.