عبدالله الجنيد

الكويت.. القمة المشروطة

السبت - 02 ديسمبر 2017

Sat - 02 Dec 2017

«لن نحضر أي قمة تحضرها قطر ما لم ترجع إلى رشدها»، ذلك ما صرح به صاحب الجلالة حمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين في 30 أكتوبر 2017 محددا السقف الأدنى لقبول الدول المقاطعة شرطا لمشاركتها في القمة الخليجية في الكويت. أما وقد حدد موعد قمة الكويت الخليجية 38 يومي الخامس والسادس من ديسمبر 2017 وتم توجيه الدعوات لكافة الدول الأعضاء لحضورها، إلا أن اختيارها يومي 5 و6 قد يحمل رسالة مبطنة بأن القمة ستنعقد حتى وإن غاب عنها أحد أعضاء المجلس.

الكويت وضعت الجميع أمام الأمر الواقع باختيارها عدم التفريط في استحقاق الكويت بالقمة الدورية للقادة الخليجيين، وفي نفس الوقت أوجدت لنفسها مخرجا يرفع عنها أي شكل من أشكال العتب من الأخوة. فهي لم تتخل عن دور الوسيط، ولكنها ترفض التضحية بمجلس التعاون إكراما للوساطة. وذلك تحديدا ما ذهبت إليه في إحدى القراءات المنشورة حول الأزمة القائمة في 24 أكتوبر 2017 لجريدة العرب اللندنية. حيث يتوجب على القيادة القطرية إدراك أن الكويت لا تملك أن تفاضل بين دور الوسيط وعلاقاتها الوجودية مع عمقها الخليجي المتمثل في الدول المقاطعة لها.

القمة الخليجية قد تكون المخرج الذي يطمح له الجميع. فقبول سمو الأمير تميم بشروط الرباعية من على أرض الكويت هو نافذة الفرصة الأخيرة، وسيتوجب عليه قراءة تصريح جلالة الملك حمد بن عيسى بدقة متناهية «لن نقبل المشاركة»، أي الموافقة المسبقة غير المشروطة وإعلان ذلك كبادرة حسن نية قبل اجتماع وزراء الخارجية لإعداد الصيغة الأولى للبيان الختامي. وسيشمل ذلك التوافق على الضامن الدولي بجانب الكويت والمرجح أن تكون الولايات المتحدة الأمريكية، ولن يكون مستغربا حينها أن يحل الوزير تيلرسون ضيفا بصفة مراقب في القمة.

قطر المعزولة خليجيا لن تستطيع المكابرة أكثر أو المغامرة بخسارة الكويت بسبب هذه الأزمة خصوصا بعد تأكيد مجلة (ستارز آند سترايبس Stars & Stripes) الناطقة باسم القوات الأمريكية بأن وزارة الدفاع الأمريكية باتت تبحث بشكل جدي أمر نقل القيادة الوسطى CENTCOM من قاعدة العديد إلى بلد مضيف آخر في المنطقة.

تلك المؤشرات مجتمعة تفرض حساباتها الخاصة على القيادة القطرية في جوانبها السياسية والمعنوية. أما اقتصاديا، فإن بقاء حالة القطيعة على ما هي عليه سيقود لخسارتها جوهرة التاج في مشروعها الوطني وهو مقاطعة مواطني دول المجلس لكأس العالم 2022.

الكويت تقدم عبر هذه القمة خيارها الوحيد لإيجاد المخارج المناسبة، لكن يبقى أمر اتخاذ القرار أمرا قطريا. فقطر وللمرة الأولى في تاريخها الحديث منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي تعاني من تراجع حقيقي في علاقاتها الدولية بعد استثمارها كل رصيدها السياسي والاقتصادي في خدمة مشروع الربيع العربي وسياسات أخرى عبثية أضرت بأمن واستقرار جوارها الخليجي وعمقها العربي. الواقعية السياسية ترتكز على تخطي الدول فشل بعض سياساتها إلا أننا في قطر نجدها ترتهن مستقبلها بماضيها. رغم كل ما تعنيه الأزمة القطرية من أولوية قطرية إلا أن هناك أولويات حددتها الأزمة تستوجب معالجتها فورا. لذلك يتوجب على القمة ألا تغفل عن أمر التحديات المستقبلية وإنجاز ما تعطل من مشاريع وعلى رأسها الاتحاد الخليجي الذي سيمثل الضمانة الوحيدة والمستدامة لأمن واستقرار دول المجلس.