من خطب الجمعة

الجمعة - 01 ديسمبر 2017

Fri - 01 Dec 2017

الهلع

«إن التحذير من الهلع والأمر بمدافعته أو رفعه لا يعني أبدا التقليل من شأنه ولا أنه وهن على الدوام، فمن الهلع ما يوجب الحيطة والحذر وبذل أسباب الوقاية منه حتى لا يجذم التخذيل مكانه ولا الاستسلام ولا القعود أو يصبح عنصرا سلبيا في مجتمع بأقصى درجات السلبية المبنية على احتكار الفرد ما يأتيه من الخير وعلى الاضطراب والجزع إثر كل بلية تحل به وإن صغرت، والله جل شأنه استثنى من آفة الهلع المصلين والمتصفين بلوازمها.

الحياة بلا أمل قنوط جاثم، والأمل بلا عمل تمن كاذب، وديننا الحنيف يدعو إلى الفأل والأمل اللذين يستصحبان الجد والعمل وبذل الأسباب، والحذر كل الحذر من مرجف يذكي بإرجافه الهلع ويؤصل القناعة الوهمية بأن الزمان قد فسد برمته.

إن الهلع له مصدر وناقل ومتلق يمثلون بمجموعهم الأثافي الثلاث لقدر الهزيمة النفسية والإحباط العملي وغياب وعي الفرد والمجتمع فمصدره الهلع ولا تحمل قلوبهم أيا من معاني السكينة والجد الفأل وحب الاستقرار لبثهم الهلع في نفوس العامة أكثر من خصومهم وأعدائهم، فكم تسبب بثهم الهلع في الهزائم وكم أحبط من الهمم وكم اغتال من الآمال.

إن الهلع أمام الحقيقة إذا لم يلجم بلجام الحكمة والأناة فإن من شأنه أن يولد إحباطا نفسيا وشعورا مبكرا بالهزيمة، ومن ثم يضفي القناعة باستحالة جدوى المدافعة والمزاحمة للتغلب على هذا الهلع الطارئ».

سعود الشريم - الحرم المكي

نعمة الماء

«أسبغ الله على عباده النعم الظاهرة والباطنة ويداه مبسوطتان بالعطاء سحاء الليل والنهار لا تغيظهما نفقة، وأنعم على عباده نعمة لا غنى للخلق عنها وبحكمته سبحانه ينشئ هذه النعمة أمام أبصار البشر ليشكروه عليها فيأمر ملائكة لتسير الرياح وتسوق السحاب وتنزل القطر ليذوق عباده تلك النعمة.

إن إنزال الماء من حجج ألوهية الله تعالى واستحقاقه للعبادة وحده وهو من الأدلة على البعث والنشور.

إن الماء من نعم الله العظيمة فأرسل الله بين يديه ما يبشر به والأرض تفرح بمقدمه فتهتز وتربو وتخرج زينتها مما يحار الطرف في حسنها وبه تحيا الأرض بعد موتها والخلق يبشر بعضهم بعض بمقدمه، وهو من أسباب رضوان الله على العبد إن شكره عليها.

إن الماء خلقه الله بلا لون وأوجده بلا طعم وأنزله بلا رائحة، ماء واحد ينزل على أرض واحدة فتظهر جنات من أعناب ونخيل، ماء جنسه واحد على اختلاف الأزمنة والأمكنة، لطيف يخالط الجوف، قوي يطغى على الأودية ويبلغ الجبال، مخلوق عظيم إن نزل عذابا لا يكشفه إلا الله.

إن للماء منافع كثيرة لا تحصى، فهو عذب معين تتمتع به الأنفس والأبدان، وجعله سبحانه طهورا للأجساد والقلوب، خلقه الله مباركا، تحيا به الأرض ومن عليها وتسيل منه الأودية وبه ينبت الله جميع الزروع، وجعله الله مكفرا للذنوب والخطايا في الوضوء».

عبدالمحسن القاسم - الحرم النبوي