عبدالله قاسم العنزي

حديث إنما أنا بشر مثلكم: رؤية قضائية

الجمعة - 01 ديسمبر 2017

Fri - 01 Dec 2017

إن إرساء النزاهة والمساواة والتكافؤ والمحافظة على حقوق المواطن ومكتسباته وتحقيق رسالة الدولة المتمثلة في إقامة العدل بين أفراد المجتمع هو القضاء الذي يعتبر الحجر الأساس في استتباب الاستقرار الاجتماعي، لذا كانت ولا تزال الدولة السعودية تسعى إلى تطوير النظام القضائي ليس فقط من حيث تطوير المرافق والبيئة القضائية والتشريعات والقوانين لضمان حقوق المواطنين والمقيمين على أرضها، وإنما لرفع كفاءة مستوى المهنية لدى القضاة.

وبالتأكيد أن الكثير من الأفراد لا يعرفون ماهية العمل القضائي، لذا نجدهم يحفون على القضاة بألسنتهم في المجالس وعبر وسائل التواصل الاجتماعي بأن الدائرة القضائية لم تنصفه أو لم تحكم لصالحه، والعملية القضائية هنالك عدة عوامل تؤثر فيها، ومن أهمها ما يقدمه المتداعون من أسانيد، فالمدعي يقدم ما يثبت دعواه والمدعى عليه يقدم ما ينفي أو يدفع الدعوى المقامة ضده، وكل ذلك يكون في مجلس القضاء، وما يجب أن ندركه ونفهمه أن ليس من مهمة القاضي أن يبحث عن أدلة خارج مجلس القضاء، إنما مهمته النظر فيما بين يديه من وقائع ومستندات فيستنبط بفطنته وذكائه متى اقتنع بما قدم المتداعون وغلب على ظنه صحتها بأنها وافقت ظاهر الواقعة وباطنها حكمه الذي ينطق به، والدور الرئيس على المتداعين في مجلس القضاء أن يساعد كل منهم القاضي بصدق ما يقدم ولا يحاول أن يغيب أحدهما الحقيقة، فالقاضي لا يستطيع أحد أن يخرجه من طبيعته البشرية، فهو يحكم بما لديه من ظاهر الأدلة، وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن التدليس وتحسين البيان وترتيب الواقعة على نحو يعزز موقف الخصم أمام القضاء ويضعف دور الآخر لاعتبار أن القاضي ملزم بأن لا يحكم بخلاف علمه.

فعن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي نحو ما أسمع فمن قضيت له بحق أخيه شيئا فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار)، وهذا المبدأ هو ما تنص عليه المادة الـ 179 من نظام الإجراءات الجزائية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/2) بتاريخ 22 /1 /1435هـ بأن تستند المحكمة في حكمها إلى الأدلة المقدمة إليها في أثناء نظر القضية، ولا يجوز للقاضي أن يقضي بعلمه ولا بما يخالف علمه، وهذا هو جوهر العملية القضائية ومناط تفكير وبحث القاضي أن ينظر ويبحث بما يتوفر لديه من أدلة ومستندات، فأنت كمدع أو مدعى عليه من يؤثر في قناعة القاضي، وفي اتجاه منطوق الحكم، ومن يتعذر عليه معرفة ترتيب الوقائع والمستندات والمخاصمة بالمطالبة بحقه الذي يدعي به فله أن يوكل غيره في الخصومة من المحامين الذين لديهم الدراية في معرفة إيراد الوقائع على نحو يثبت ما يدعى به، ولا يلقى اللوم على القضاة لأن قدراتهم البشرية محدودة ولا يحكمون إلا بعلمهم.

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال