مانع اليامي

أدعياء المثالية

الجمعة - 01 ديسمبر 2017

Fri - 01 Dec 2017

أصبحت موضة أن تسمع من يتحدث عن المثالية بصوت مرتفع في عصرنا الحالي، وكأنه عنوانها الكبير، كبير الظن أن بعض الدوائر المجتمعية تشهد حضورا لهذه الفئة. وفي كل الأحوال يبقى اعتقادي أن بعضهم ممن تعرفهم نخب مجتمعاتهم في غير مواضع المثالية يعمدون إلى تجاهل السجلات، والأرجح أنهم أو غالبيتهم يعتمدون على قصر ذاكرة المجتمع كاعتقاد يعزز سريانه لديهم الانشغال العام بالهموم اليومية. اللافت عندي أن المناسبات الاجتماعية تجمع الكثير وتشكل أكثر الأماكن لتواجدهم، ولعلهم تناسوا أن العالم يعيش ثورة الاستنتاجات العقلانية التي تكشف من يتصنع المثالية وهو ليس أهلا لها.

عموما قد تجمعك الصدفة أو المناسبة العامة، وحتى الخاصة، بشخص أو أكثر من أولئك الذين يعمدون إلى سد منافذ واقعهم الساذج بالحديث عن المثالية في كثير من النواحي، إما في مجال العمل والعلاقات والحقوق الأسرية، أو حب الخير للناس والسعي في سبيله. نعم المثالية في غالب الثقافات غاية يحققها السعي الطاهر إلى الكمال، الغالب الأعم من الأسوياء يسيرون في ذلك الطريق، هذا ما يمكن قوله باختصار، غير أن من يحاول دفن فشله ورداءة نفسه، أو ضعف مواقفه على أي مستوى بالمثالية الزائفة، غير القادرة على حجب الضوء عن صورة الاختلاف بين القول والفعل، ليس من الأسوياء في شيء، مثله مثل ذلك الذي يغطي استغلاله الوظيفة لتحقيق منافع خاصة بالحديث عن الفساد، وكأنه يحمي النزاهة ويعيشها بكل المقاييس، أو ذلك الذي يدعي الأمانة في الصباح الباكر، ويغتالها وقت الظهيرة، ولا يسلم منه حتى الأقربون.

أدعياء المثالية قد يجدون أنفسهم حيث يتدنى الوعي المجتمعي، هنا يستطيعون إخفاء حقدهم وحسدهم وقبل ذلك ومعه وبعده فشلهم، قد تتسع المساحة أمامهم للتجول برداء الطهارة الزائفة، لكنهم لا يستطيعون الخلاص من عقدة النقص أمام كل من يعرفهم أو من يستطيع تقييم أحوالهم بأدوات العلم والمعرفة.

المهم في الأخير أن معظم الدراسات النفسية تخلص بشكل عام إلى أن السواد الأعظم من الأشخاص الذين يتصنعون المثالية يعانون قصورا في الجوانب الاجتماعية، ويسعون لتسديده بالمثالية الزائفة، والأقرب أنهم يعيشون مشاكل نفسية تدفعهم إلى لبس الأقنعة. المشكلة في قبولهم وتكاثرهم أيضا تمردهم على المصحات النفسية.. وبكم يتجدد اللقاء.

[email protected]