عبدالله المزهر

الطلاق.. أشطانُ بئرٍ في لَبان الأدهم!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الخميس - 30 نوفمبر 2017

Thu - 30 Nov 2017

يقول عنترة مخاطبا عبلة:

ولقد ذكرتك والرماح نواهل

مني وبيض الهند تقطر من دمي

فوددت تقبيل السيوف لأنها

لمعت كبارق ثغرك المتبسم

وهذا كذب لا يضير الشعراء فهذه صنعتهم، وعبلة لم تفطن إلى المعنى الخبيث الذي أراده عنترة، فهو يقول إن السيوف التي تقطر من دمه ذكرته بثغرها المتبسم، وهذا يعني ببساطة أنه ينظر إليها كمخلوق يشبه «دراكولا». ولكن المسكينة صدقت أنه أراد أن يقبل السيوف شوقا إليها. ثم صار ما صار من قصتهما المعروفة وافترقا بسبب عدم تكافؤ النسب وهذا ـ كما تعلمون ـ سبب شائع لتفريق الأحبة في الجاهلية الأولى، ولكن نحمد الله على نعمة الإسلام، لأنه من الصعب تخيل أننا مثلهم نفرق الأزواج بدعاوى مثل هذه.

ولا أعلم هل تزوج عنترة من عبلة بعد تعديل نسبه أم لم يفعل، لكني أميل إلى فكرة أنه لم يتزوج لأنه عاش طويلا.

وأظن أنه لو قدر لهما أن يتزوجا لاستمر زواجهما، لأن عنترة سيكون مشغولا بالقتال، ولن يبقى في المنزل كثيرا، وهذا ما يجعل الخلافات الزوجية تقل أو تنعدم. ولن يكون لديه كثير من الوقت للثرثرة في الاستراحات، أو الهياط في المناسبات.

وعبلة لن تنشغل في غيابه بمتابعة مشهورات ومشاهير السناب في بني عبس، ولن تشعر أن حياتها أقل من حياة غيرها، ولن تزعج عنترة أثناء قتاله وتطلب منه العودة للمنزل حالا لتناقشه في أمر الستارة التي رفض تغييرها.

الأمر الذي كان سيفسد حياتهما هو أن تتأثر عبلة ببعض بنات جنسها من حقوقيات بني عبس اللواتي يحاولن إقناعها بأن شهرة عنترة وشجاعته دليل على سيطرة المجتمع الذكوري وأنها لا بد أن تطالب بحقها في قيادة الجيوش وجندلة الأعداء.

لا أعلم كيف وجدتني أكتب عن عنترة وعبلة وقد كنت أنوي الحديث عن أسباب كثرة الطلاق، أحب لعب دور المصلح الاجتماعي بين الحين والآخر، وتستهويني فكرة أني أفهم أكثر من الآخرين، وأني أستطيع تعليم الناس كيف يعيشون.

كنت سأقول إن نسبة الطلاق تزيد لسببين متناقضين، الأول هو أن نسبة الزواج نفسها ترتفع، والآخر أن الإيمان بفكرة الارتباط الأبدي لا يناسب بعض أبناء هذا الجيل من الكائنات البشرية، لأنهم يحبون سريعا، ويكرهون سريعا، ويملون سريعا، وكذلك لانتشار قناعات تروج لفكرة أن الرجال أعداء النساء، والعكس صحيح.

وهذه مشكلة لا حل لها، لأنه لا يوجد شكل للزواج المنتج بين الثدييات عموما، والإنسان بشكل خاص، إلا بوجود جنسين مختلفين. أعلم أن هذا قد يكون محبطا لبعض النسويات والنسويين، ولكن هذه هي الحقيقة للأسف.

وعلى أي حال..

من الجميل أني لم أقل ذلك، واكتفيت بالحديث عن سيوف الهند التي تشبه ثغر عبلة وهو يقطر من دم عنترة.

@agrni