المفكر الذكي

الخميس - 30 نوفمبر 2017

Thu - 30 Nov 2017

المجتمع المتخلف الجاهل يحتاج ذكاء المفكر ومرونة المثقف للتقدم والنهوض، ومشكلة مجتمعنا تتمثل في جانبين:

جانب خلط بين القيم الدينية والأخلاقية والعادات والتقاليد، فتقوقع على الموروث رافضا كل فكرة جديدة.

والجانب الآخر الذي خلط الحاجة للتحرر من العادات والتقاليد السلبية مع التحرر من القيم الدينية والأخلاقية ظننا منه أن هذه هي حرية الفكر والرقي الثقافي.

والمفكر الذكي هو ذاك الذي يستطيع استخدام ذكائه وتطويع ثقافته لبث فكره بطريقة تتناسب والمجتمع المتواجد فيه، كتقدير الطبيب للجرعة المناسبة للمريض من الدواء بحسب حالته وقوته الجسمانية.

معظم الذين يطلقون على أنفسهم لقب المفكر في مجتمعنا هذا هم بالأحرى مدعو التفكير، والحق أنهم متأثرون بطريقة أو بأخرى بأفكار معينة دون التفكير بها تفكيرا حقيقيا، وذلك طبقا لقاعدة خالف تعرف، والغاية من ذلك إما نفسية تمخضت عن ظروف معينة يحاول ذلك المدعي إخفاء آثارها بإقناع ذاته ومن حوله أنه مختلف، أو البحث عن الشهرة وحب الظهور. والباحث عن الشهرة لا يمكن أن يكون مفكرا فالمفكر يعي جيدا أن الفكرة أدعى بأن تجلب لصاحبها الشهرة ولو بعد مئات السنين من طرحه لها والأمثلة على ذلك كثيرة ومتعددة.

لا يمكن أن يطلق على الإنسان «مفكر» إلا لأنه جاء بأفكار جديدة لم يسبقه لها غيره، وجميع من خرجت أفكارهم لمجتمعاتهم من المفكرين على مر التاريخ، واجهوا رفضا كبيرا وصل لأعلى مستوياته، وهذه ضريبة حتمية يدفعها المفكر نظرا لتكوينه الإنسان السايكولوجية التي تجعل منه رافضا للتغيير المفاجئ الكبير؛ ولكن البعض منهم كان أذكى من غيره في اختيار طرق تدريج تلك الأفكار لتجد الاستجابة ولو بعد حين فالمجتمع محال أن يكون ميتا ولكن على الطبيب (المفكر) اختيار الجرعة المناسبة في الوقت المناسب وبالطريقة المناسبة، فلكل داء دواء، والطبيب الفاشل هو من يقتنع أن هذا المريض لا يستجيب وأن علاجه محال.

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال