فايع آل مشيرة عسيري

خفاجي.. القصيدة!

الخميس - 30 نوفمبر 2017

Thu - 30 Nov 2017

رحل جسد القصيدة الحسناء وبقيت روحها كلمات تسكننا ونسكنها، كبرت وكبرنا معها وما زالت تخفق في قلوبنا كما تخفق راية وطننا الخضراء عاليا.

مذ كنا أطفالا نستطيل بطول قامتها نحاول أن نسكن حرف المد الأول في «سارعي» كي نصبح مجدا عظيما قبل أن نبحـر مع الياء هناك نحو العلا الذي يقودنا نحو ابتهالات الدعاء مجدي لخالق السماء..!

كل صباح تصطف الملايين في مشهد مهيب كي يرددوا بصوت واحـد كلماته فتخلق فينا دهشة الثبات وروعة التحليق عاليا:

وارفعي الخفاق أخضر

يحمل النور المسطر

يا موطني

فيكتمل الوطن، ولكن في يوم رحيل صوت الوطن.. بقيت كلماته خرساء تبحث عن شاعرها، وإن رحل فقد دونته على صدر الحياة، ومثله لا يموت، فقد منح الوطن وسام الكلمة والمعنى والنشيد، فمنحه الوطن الشرف والخلود الأبدي.

عشت فخر المسلمين عاش المليك للعلم والوطن

نعم شاعرنا فقد خلدك الوطن قصيدة تحنو للقصيدة الأم..!

فقد كان بيت القصيدة الذي بحثت عنه طويلا ولم تجده فنادته شجنا:

لنا الله يا إبراهيم خفاجي..!

هو الحزن المطروح على عتبات التوسل والرجفة:

ارحم جفني المجروح..!

وهو النظرة المخطوفة في مساءات الخير وأغنيات العيد.. واعترافات الصبابة لحظة الأنس وقت الغروب وهو صبيا والسروح..!

هو موسم الهجـرة للجنوب، وإن أغضبنا الروائي السوداني الكبير الطيب صالح، والصدق وإن أكثر الحلف، وهو الحب المخبوء في ليلة البدر وعرس النصر..!

هو عرائس المملكة، وجنادرية الوطن بكل أقطاره وموروثه ونبضه وقلبه..!

هو الخفاجيات التي سكنت النجوم، وحين سكنتها لم تنس أن تهدي الأرض عشق السحر ولوعة المعتني في ليلة ودع اليأس ولم يكتف بالبعد..!

هو الوداع الذي استجديناه طويلا يا ليتك معنا، هو الرسالة الحل والباقية بين كل رسائل أهل الهوى..!

هو طبع الود الهادئ وإن ردد ما في داعي، وهو المحبة التي أودعها الأرض فأنبتت سؤالا حائرا في عيون كل السماوات كيف أنساك؟!

ومضة:

أعترف لك بأن وجع فقدك أعظم أن تختزله مقالتي فقد عجزت عن صياغة أبجديات تليق بأناقة رحيلك.