يا معالي وزير الصحة.. لا تكحلها!

الأربعاء - 29 نوفمبر 2017

Wed - 29 Nov 2017

وزارة الصحة «مقبرة الوزراء» كما وصفها الدكتور غازي القصيبي - صاحب التجربة الواسعة - تعاقب عليها عدد كبير منهم، ولم ينجح أحد!

وأنت يا صاحب المعالي صفق لقراراتك الكبير والصغير أيام كنت وزيرا للتجارة، وتدرك أن ما يمكن عمله في وزارة التجارة - ليس بالضرورة - يمكن تطبيقه في وزارة الصحة.

كما أنك لا تملك عصا سحرية للتغلب على المشاكل المتراكمة، ولم يملكها من أتى قبلك، ولن يملكها من سيخلفك من الوزراء، والأجدر الاقتداء بالمنهج النبوي (سددوا وقاربوا)!

وقد تدرك يوما أن ما أثقل أرشيف الوزارة من مشاكل تنظيمية وقرارات نشأت في أوقات مختلفة، وتعاقب عليها ثلة من المثاليين وأعضاء اللجان.. هي في الواقع تعقيدات مركبة نتمنى أن تنجح في حلحلتها!

وقد تدرك يوما أن هذه اللجان التي صنعت هذه القرارات كانت بعيدة عن واقع الممارسة وتحديات الميدان.. وقد سلكت مسلكا لا يتناغم مع الواقع المعاصر.. وكان الأجدر البدء بالمجمعات والمراكز الصحية الحكومية لممارسة المثالية، وتأسيس نماذج تنافسية يسايرها القطاع الصحي الخاص!

على سبيل المثال.. عندما تأتي التوصية بإلزام المجمعات الطبية الخاصة بالتعاقد مع 4 استشاريين في تخصصات معينة تم تحديدها بطريقة مقلقة لحاملي التخصصات الأخرى من أطباء القطاع الخاص السعوديين، ثم تخفض إلى استشاري واحد على الأقل كشرط أساسي لترخيص المنشأة، بينما تفتقد غالبية المراكز الصحية الحكومية وبعض مستشفيات الوزارة الصغرى إلى هذا العدد من الاستشاريين، فتأكد أن خللا لا يمكن تبريره قد وقع، وأن أعضاء اللجان قد تحركوا في نطاق ضيق، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالقطاع الصحي الخاص، وربما ينطبق عليهم المثل القائل (ثوّر.. وهي تدوّر)!

وقد لا تعلم أن الاستشاري لا يرغب العمل في المجمعات الطبية الخاصة لأغراض تتعلق بالسيرة الذاتية والرغبة في اقتران اسمه بمنشآت طبية كبرى، إضافة إلى ندرة الاستشاريين الراغبين في العمل في القطاع الخاص، كما أن تحمل المنشأة تكاليف تواجده فيها ينعكس مباشرة على أسعار الخدمات الطبية المقدمة للمراجعين!

كما أن عمليات الاستنزاف المالي للمنشأة من جهات حكومية متعددة تشكل أعباء لا يعلمها كثيرون، فهناك متطلبات مادية وأخرى مالية ورسوم تدفع لجهات عديدة.. على سبيل المثال وزارة المالية، وزارة العمل وغيرها!

كما أن سياسة الإغلاق الكامل وفرض العقوبات التعسفية - الناشئة عن مخالفة أي من اشتراطات اللائحة - لم تكن معروفة من قبلك، ولا أظنها ستصبح سنة من سيخلفك! وهي ليست الحل الأمثل، وقد تدفع من تبقى من الناجحين في هذا

القطاع لمغادرته بحثا عن بيئة أفضل، والأولى المساعدة أولا في التغلب على الصعوبات، وطرح بدائل تعكس التعاون البناء بين القطاعين الحكومي والخاص!

يا معالي الوزير لا نتمنى أن تغادر الوزارة (بناء على طلبه)، ولا أن تكون تاريخا انتهى ودفن في وزارة الصحة، فما زال لديك الكثير لتعطيه للصحة ولوزارات أخرى قد تذهب بك الأقدار إليها!

بعد أيام قلائل ستظهر لائحة جديدة - يقال إنها معدلة - للخدمات الصحية في القطاع الخاص، وفي صفحاتها بعض مما ذكر هنا وزيادة!

ويأمل الجميع أن تعدل هذه اللائحة بالطريقة المعاصرة التي تسمح بتقديم الخدمات الصحية بتشريعات تنظيمية واقعية ليتمكن القطاع الطبي الخاص من المساهمة في تقديم الخدمات بطريقة مثلى، وتخفيف العبء على الجهات الحكومية، وذلك تماشيا مع توجهات القيادة العليا.