عبدالمجيد الجلال

اطمئني.. الزمن زمنك!

الثلاثاء - 28 نوفمبر 2017

Tue - 28 Nov 2017

خلال عقود من البناء والتنمية حققت المرأة السعودية إنجازات متراكمة في مجالات كثيرة، ما جعلها مؤهلة تماما للمشاركة مع الرجل في إدارة وصنع القرار الوطني، إذ رغم العادات المتوارثة، والأفكار المنغلقة، والمتوجسة تجاه رغباتها وتطلعاتها، نجحت في دخول قبة مجلس الشورى، والمجالس البلدية، وتقلدت بجدارة وأناقة مئات المناصب القيادية في التعليم العام والعالي والصحة والشؤون الاجتماعية وسواها، وفي العديد من منشآت القطاع الخاص. واستحقت أخيرا، وليس آخرا، قيادتها للسيارة، وتمكينها بلا ولي أمام تسلط وظلم وقسوة بعض الأولياء في استخدامهم لحق القوامة.

ومن الجميل في هذا الشأن، أن الوعي المجتمعي المطرد يؤذن بانحسار مفعول مرحلة الوصاية، التي رغم شدتها وقسوتها ورعونتها طوال عقود من الزمن فشلت في كسر مجاديف المرأة السعودية، ما جعل منها، في كل المراحل، رقما صعبا في المعادلة الوطنية. والأجمل أننا في هذه المرحلة نتلمس بشكل واضح، توجها عاما للدولة والإعلام الجديد أو مواقع التواصل الاجتماعي لجهة الدفع بالمرأة السعودية نحو المزيد من المشاركة في العمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي.

على كل حال، لا تزال مسيرة المرأة السعودية لنيل حقوقها كاملة طويلة، وتحتاج إلى مزيد من الجهد والعمل والمثابرة والصبر، فمقاومة التغيير سوف تظل إلى آخر لحظة شرسة ومتشبثة بمكتسباتها في الوصاية على «الدرة المصونة».

من المهم جدا، في هذا السياق، أن تتبلور لدينا رؤية أكثر شمولية واتساعا، تتجاوز مسألتي قيادة المرأة للسيارة، والتمكين بلا ولي، رغم أهميتهما، ومشروعية المطالبة بهما، من خلال تبني كل قضايا وهموم المرأة السعودية، التي تتصل بشؤون حياتها، ومعيشتها، ومتطلبات استقرارها الاجتماعي والنفسي،

ومنها على سبيل المثال، قضايا العضل والعنف والتحرش والطلاق والميراث والنفقة والخلع والحضانة، إذ من المؤسف أن أروقة المحاكم تزدحم بمثل هذه القضايا والدعاوى، وهناك العديد من النساء لا يطرقن هذا المجال المتاح لهن، ويفضلن تحمل تعسف الأولياء وظلمهم، والتضحية بحقوقهن وسعادتهن للمحافظة على الخيط الرفيع لما يرينه ملاذهن الأسري والعائلي.

وهذا يعني بالضرورة، سرعة التحرك باتجاه إصدار تشريعات قانونية نافذة تسهم في تحسين حياة المرأة، ومعالجة الخلل والمعوقات في تنظيمات ومؤسسات الدولة التي تحول دون ذلك. وهذا ما كنا نأمله، ولا نزال، من مجلس الشورى، وخاصة من العضوات المحترمات، إذ كان يفترض أن يتصدرن المشهد بالمطالبة لإصدار مثل هذه القوانين، التي تحفظ للمرأة كرامتها، وحقوقها داخل وطنها وخارجه، وتزيل عنها الكثير من الاجتهادات المجتمعية والثقافة الموروثة في تعاطيها غير الملائم مع شؤون المرأة.