أهلا بالمستقبل

الاثنين - 27 نوفمبر 2017

Mon - 27 Nov 2017

اعتدنا على ترويج الأحلام الوردية لأنفسنا لمجرد تسلية النفس وإخراجها من واقعها الأليم، وهذا قد يكون حلا في بعض الأحيان لا سيما إذا كان أحدنا في حالة ضعف وانكسار، أو عاجزا عن اللحاق بركب الناجحين، يحلق أحدنا بخياله الواسع ليبلغ عنان السماء وما هو ببالغه.

وفي الوقت نفسه نجد أنفسنا عاجزين عن التعايش والتفاعل بإيجابية مع أي خطوة أو مبادرة تحاول تطبيق تلك الأحلام على أرض الواقع، وهذا ليس تقليلا من قدرتنا على الإنجاز بل لأن من بيننا كثيرين ممن يحملون الفكر المتثاقل المحبط، الذي خلف ثقافة الثبور في عالمنا، ولا خلاص لنا من هذا الواقع إلا باجتثاث تلك الأفكار السلبية المتراكمة وإحلالها بما يناسب عالمنا اليوم الطامح نحو النهوض من تلك الكبوة، وبناء مستقبل واعد نعيش فيه حلما طال انتظاره.

والغريب في الأمر أننا نتغنى وبكل إعجاب بالتحولات التي سبقنا بها الجيران أو بعض من دول الآسيان، وعندما يصل إلينا القدر لتجسيد تلك الأحلام على أرض الواقع نجد من يناهض باستماتة للحيلولة دون بلوغ ذلك، متحججين بالخصوصية تارة وبالفشل المحتوم تارة أخرى.

والحقيقة أنه إذا ما أردنا المضي قدما نحو بناء المستقبل المنشود فعلينا ألا نلتفت لتلك الآراء البتة، فهي من أشد المعوقات التي ظلت حاجزا وسدا منيعا للكثير من برامج التنمية لمجرد أنها لا تتوافق مع أفكارهم ومعتقداتهم، وما نحن عن تحريم (الدش) والقنوات الفضائية ببعيدين، وها هم اليوم يتصدرون برامج تلك القنوات، ولا يخفى عليكم منع جوال الباندا الحزين لمجرد أنه يحمل كاميرا لعينة قد تخترق خصوصيتهم، واليوم أصبحنا نتابع تفاصيل حياتهم عبر مختلف وسائل التواصل الحديثة، وما هذا إلا غيض من فيض.

إلا أن ما يبشر بقرب الفرج وزوال الغمة، أنه لا مكان في عالمنا المعاصر لتلك الأفكار البائدة، فالجميع يدرك بأننا نتغير، وأن هذا التحول في مجتمعنا أصبح حقيقة على كافة الأصعدة، والإيمان بأن التطور والتقدم لا ينسجمان مع الأفكار الساكنة والقيود البالية، تلك هي الحقيقة الغائبة أو المغيبة عن أولئك التائهين.

وخلاصة القول إن من أجل النعم التي نعيشها في بلادنا هي حفظ الدين واحترام العلماء، ولا مجال للمزايدة على تلك الثوابت، وطالما نحن ماضون على هذا النهج أرى من الظلم أن نحرم هذه الصحوة التنموية التي ستقودنا نحو البناء والتقدم لمستقبل أجيالنا القادمة، بعقيدة وسطية معتدلة، بعيدا عن كل هاجس مقيت أو وصاية مصطنعة، ليس لها في الدين موضع ولا حجة تقنع، فالمؤمن كيس فطن، ولا يمكن أن يلدغ من جحر مرتين.