السعودة.. من غسيل الأموال إلى غسيل الموظفين!

الجمعة - 24 نوفمبر 2017

Fri - 24 Nov 2017

هل بالفعل وزارة العمل قادرة على سعودة الوظائف أم هي فقط للاستهلاك الإعلامي؟ هل ما نراه اليوم من قرارات صادرة تلائم وتوافق رؤية الدولة وتوجهها؟ إذا كانت الوزارة بالفعل جادة في خفض معدل البطالة بشكل كبير لماذا تركت سعودة القطاعات الكبيرة التي يملؤها الأجانب في هذا البلد كقطاع النفط والصحة اللذين يشكلان أكبر عدد من الأجانب للأسف وتوجهت لسعودة البقالات أبو 40 مترا وقطاع الاتصالات وتركت رأس الهرم. إذا أردنا بالفعل خفض العمالة الأجنبية فلنبدأ من الأعلى حتى الأسفل، وليس العكس تماما لأن ذلك سيستغرق منا وقتا طويلا للوصول للأعلى، لكن لو قصمنا ظهر البعير من البداية وبدأنا بإصدار قرارات لجميع الشركات الكبرى ومنعنا استقطاب الأجانب وفرضنا على الشركات سعودة الوظائف، وكان هناك فريق مخصص ومدة محددة من الوزارة لوفرنا أموالا ودعما اقتصاديا لهذه البلاد بدلا من إرساله للخارج. نعم ستقول الوزارة منعنا استقطاب الأجانب ممن تقل خبرتهم عن 5 سنوات، سؤالي كيف ستعرف الوزارة بأن هذا الأجنبي استغرق في العمل 5 سنوات من الخبرة، وما هي الآلية التي ستتبعها لتطبيق هذا القرار؟

دعوني أتكلم عن مجالي وتخصصي في قطاع النفط. الأجانب كثيرون في هذا القطاع، وعندما بدأ سعر النفط بالنزول فإن كثيرا من الشركات قامت بتسريح المواطنين السعوديين باستغلالهم لمادة 77 بفصل الموظف دون سبب، وتركوا الأجانب يسرحون ويمرحون ويأكلون من خيرات هذا البلد، وبعد أن أحدث ذلك ضجة إعلامية اتخذ الوزير قرارا بعدم فصل السعوديين على مجموعات في آن واحد، فقامت الشركات بفصلهم على دفعات أقل، أو بين الحين والآخر، وتوظيف سعوديين برواتب وعقود أقل لاحقا ليقولوا لوزارة العمل إننا ما زلنا نوظف سعوديين فتحولنا من مشكلة غسيل الأموال ودخلنا متاهة غسيل الموظفين!

ولكي يكون الأجنبي متسيدا الموقف ووزارة العمل في سبات عميق. يشكو كبار مسؤولي شركاتنا في القطاع الخاص من أوضاعهم المالية المتردية في اجتماعاتهم معنا، وحيث إنهم يذهبون ليتباكوا لدى أرامكو من أجل الحصول على عقود جديدة من أجل العودة للتنافس والبقاء، لكن بحسبة بسيطة لو قامت هذه الشركات بإحلال الكفاءات السعودية بالأجانب في قطاعنا النفطي لوفرت مبالغ كثيرة كتأشيرات الموظفين وتذاكرهم ومكان إقامتهم وطعامهم.

لدي حلم يؤرقني ويتعبني صبيحة كل يوم، أحلم أن أدخل الشركات ولا أجد إلا أبناء وبنات وطني يشغلون هذه الوظائف التي هم أحق بها من غيرهم. أعلم أن هذا الموضوع محل جدل وسيتهمني البعض بالعنصرية، فأهلا ومرحبا بها من أجل وطني وأبنائه. كما أنني أتساءل لماذا لا نقوم بتجربة أمير القصيم الذي قام بسعودة الوظائف في أحد المولات ليرى التجربة إذا كانت ناجحة، ويدرس إيجابياتها وسلبياتها ليتم تطبيقها على جميع المولات والمؤسسات، وتعمم في جميع مناطق المملكة. لماذا لا تقوم الوزارة بالتعاون مع أرامكو بالتجربة ذاتها وتتفق مع إحدى الشركات الكبرى في قطاع النفط، وأنا مؤمن تماما بأننا سننجح بسواعد أبنائنا وكما أنني مؤمن بعدالة القيادة وإيمانها التام بإحلال السعوديين بالأجانب وهي من ضمن رؤيتها، وهذا ليس بصعب عليها وهي قد قامت بتجربة سابقة في قطاع التعليم ونجحت وتعرفت على الإيجابيات والسلبيات في هذا الموضوع ولديها من الخبراء ما يكفي لنجاح خطتها إن أرادت. تبقى الكرة في ملعب وزارة العمل وهل هي قادرة على تطبيقها ومتابعتها؟ لا أعلم!