عبدالله الجنيد

هنا الرياض

الجمعة - 24 نوفمبر 2017

Fri - 24 Nov 2017

ليس بمحض الصدفة أن تأتي هذه الهجمة الإعلامية على المملكة العربية السعودية في هذا التوقيت من إعلام مسيس وآخر مدفوع الأجر، ومن قبل أطراف متضررة من جملة السياسات السعودية الجديدة داخليا وخارجيا. ويعود بنا ذلك إلى حملات سابقة صاحبت المواقف السعودية المبدئية من قضايا عربية. وقد تكون الحملة التي صاحبت رفض السعودية مقعدها غير الدائم في مجلس الأمن في 17 أكتوبر 2013 هي إحدى العلامات الفارقة في الدبلوماسية السعودية، وأذكر حينها نشري لمقال تحت عنوان (الدبلوماسية السعودية). وألحق هنا جزءا يسيرا من بيان الخارجية السعودية في شرح أسباب رفضها «أن المملكة العربية السعودية ترى أن أسلوب وآليات العمل وازدواجية المعايير الحالية في مجلس الأمن تحول دون قيام المجلس بأداء واجباته وتحمل مسؤولياته تجاه حفظ الأمن والسلم العالميين على النحو المطلوب، الأمر الذي أدى إلى استمرار اضطراب الأمن والسلم، واتساع رقعة مظالم الشعوب، واغتصاب الحقوق، وانتشار النزاعات والحروب في أنحاء العالم، ومن المؤسف في هذا الصدد أن جميع الجهود الدولية التي بذلت في الأعوام الماضية والتي شاركت فيها المملكة العربية السعودية بكل فعالية لم تسفر عن التوصل إلى الإصلاحات المطلوب إجراؤها لكي يستعيد مجلس الأمن دوره المنشود في خدمة قضايا الأمن والسلم في العالم».

تلك الجزئية تناولت الموقف المعلن للمملكة العربية السعودية، ولكن ما لم يكن معلنا حينها إدراك المملكة أن الهدف الحقيقي من وراء ذلك تصفية القضية الفلسطينية بحضورها في مجلس الأمن دون أن تكون قادرة على الإتيان بأمر. وها نحن الآن نشهد الفصل الثاني من تلك المسرحية الميكافيئلية من قبل حلفاء الأمس في حفل رجمها بالتطبيع مع الكيان الإسرائيلي. ما سوقه طرفا هذه المعادلة الغبية وهما قطر وإسرائيل من أدلة على «الإيهام بالتطبيع» يعكس مدى خيباتهما المشتركة مما تحققه السعودية من اختراقات في ملفات كبرى عربيا. فإسرائيل فشلت في احتواء مدى التقدم في العلاقات الثنائية الأمريكية السعودية وانعكاسات ذلك على الملفات الاستراتيجية وأهمها أمن الشرق الأوسط. ثانيا، إيمان إدارة الرئيس ترمب بأن الملك سلمان بن عبدالعزيز هو شريك استراتيجي يملك الإرادة السياسية القادرة على فعل المتغيرات اللازمة لتحقيق السلام في الشرق الأوسط. والسعودية بدون منازع هي من يمثل مركز القرار السياسي عربيا وإسلاميا. لذلك فشل حتى اللوبي الإسرائيلي في استهداف أو عرقلة تطور تلك العلاقة النوعية لنوعية الفريق الرئاسي المحيط بالرئيس ترمب ذي الخبرة الخاصة في شؤون الشرق الأوسط، ولأن غالبية الفريق غير مسيس.

من هنا انطلقت إدارة نتنياهو من مبدأ الادعاء بحدوث التقارب النوعي بينها ودول سنية خليجية فقط لأجل إفشال أدوات الضغط الأمريكية باتجاه إيجاد حل للقضية الفلسطينية، وابتزاز الرياض وإجبارها على التراجع عن مبادرة السلام العربية. أما فيما يخص قطر وتوفير منصاتها الإعلامية وأخرى مدفوعة الأجر لتقديم الدعم للحملة الإسرائيلية فذلك يهدف لتخليق رأي عام إسلامي قد يمثل أداة تفاوض مع الرياض لإخراجها من أزمتها السياسية وعزلتها الدولية.

الرجم سواء بالتطبيع أو بجرائم ضد الإنسانية في اليمن لن تتوقف لأن قافلة الحزم تسير بعزم، وما هذه الاستماتة القطرية والإسرائيلية ومنظومتيهما من حلفاء وإعلام مدفوع الأجر إلا تأكيدا على ما حققته المملكة العربية السعودية من مكانة مستحقة كونها الدولة المركزية.

واضطلاعها بمسؤوليات دولة المركز هو ما يتطلع إليه المجتمع الدولي في حل واحتواء الأزمات أو في فرض الاستقرار. وقد يكون نجاحها الأخير في اجتماع نوعي لقوى الثورة والمعارضة السورية واعتماد الرياض 2 كمرجعية أولى بدل جنيف1 أهم إنجازاتها في الملف السوري. واليوم تعلن روسيا تخفيض قواتها في سوريا قبل نهاية العام مما يشي أن روسيا فشلت في فرض مخرجات سوتشي على مؤتمر جنيف القادم في حين نجح الرياض 2 في ذلك. من هنا يتوجب على الجميع منذ الآن أن يدرك أن الرياض لن تقبل بالتفاوض على ثوابت، وأن والحزم يتمدد.

aj_jobs @