برجس حمود البرجس

آفة الفساد وآثاره

الجمعة - 24 نوفمبر 2017

Fri - 24 Nov 2017

سلبت كرامة تفكيرنا.. تجدنا نتباهى ببلد الإنسانية والكرامة ونناقض أنفسنا بالفساد، لم تقبله عقيدتنا ولا فطرتنا، ولكنه أصبح من المسلمات وأصبح الوقوف أمامه من المحرمات وحتى الحديث عنه. لم يكن الفساد المالي وغير المالي العثرة باتجاه التطوير والتنمية فقط، بل إنه أثر على الفكر والأجيال والطموح والأحلام.

إنه زمن الأمير الشاب محمد بن سلمان، زمن وضع الأشياء في أماكنها الصحيحة، ومن يرى في ذلك تطبيلا فليشهد التاريخ أنني أكبر مطبل. هذا ثناء وإطراء ويجب أن يذهب لأصحابه.

الفساد آفة، ولو أننا صرفنا كل ريال دخل علينا من عوائد النفط من الخارج في البناء بدلا من الفساد لما أصبحنا بما نحن عليه، نعاني من البطالة والسكن وعلاج مستورد ووظائف غير منتجة.

في سبع سنوات كان دخل النفط سبعة تريليونات ريال تبخرت على مشاريع وهمية وفساد، وبني منها ثروات لأشخاص محدودين، والنتيجة تأخر واحتكار وتستر وتعثر سيول وأمطار، ومجتمع بعضه يمارس الإسراف والهياط والتفحيط والعنف والتعنيف، كله بسبب عدم التركيز على التعليم والبحوث والتطوير لانشغالنا بالفساد، حيث تذهب جل الأموال.

الفساد هو من جعلنا نفرح ونساهم في إبقاء أسعار النفط فوق 100 دولار وخلق جدوى للمنافس النفط الصخري الذي تقدم علينا بالتكنولوجيا، هذا الطمع في «الكاش السريع» لنوفر الأموال للفساد على حساب مستقبل البلد.

حرم المواطن من أبسط حقوقه، قطعة أرض وسط مدينته لكي يزداد الطلب فترتفع قيمة الأراضي والبلوكات والأحياء التي تقاسمها النخب.

لم يكن هناك مزاج للتركيز على البناء وتطوير الإنسان والفكر، بل كان التركيز والصراع على الفساد، ولذلك تجدنا في مصاف الدول المتخلفة عندما نتحدث عن التعليم وصناعة العلاج وتصدير التكنولوجيا والصناعات المتقدمة، وإلا ما الذي يجعل باكستان تتقدم في صناعة النووي والذري وصناعة الطائرات الحربية دون موارد مالية؟ وهذا ليس إنقاصا من باكستان ولكن استشهاد بها. جل تفكير صناع قراراتنا كانت مركزة على خلق لفرص الفساد فقط.

كان من المحرمات أن تطالب بمراجعة ميزانيات الدولة، ومن المحرمات أن تناقش أخبار فساد يعلم بها القاصي والداني في القطاعات العامة وحتى الحساسة في الدولة، جميعنا نعلمها ولكن محرم أن تتحدث عنها، مشاريع احتكرت على مقاولين وأسماء محدودة.

عندما تنتقد تأخرا في البناء السليم يأتي التضييق من رموز للدولة مستخدمين سلاح الدولة وقوة مراكزهم ونفوذهم على الإعلام والصحف، وليت السبب هو المضي قدما في البناء، بل إن سبب التضييق هو المضي قدما في تقاعسهم وفسادهم وعدم كشف أخطائهم.

قتل الطموح، وأصبح الحُلم حلما فقط، وغسلت العقول، فأصبح الكثير يحلم بأن يحصل على وظيفة بديلا عن وافد، وأصبح الكل يتحدث عن «نقل المعرفة» من الخارج كأنها من المسلمات دون التساؤل لماذا لا نبني المعرفة، فالكل تقريبا يرى أن الصحيح هو استيراد الشركات الأجنبية لتبني لنا مصانعنا ومدننا وعلاجنا وحتى رفاهيتنا.

طوال السنوات الماضية لم أكن متأثرا كثيرا بالفساد المالي والإداري مع يقيني بتأثيره على البناء السليم، ولكن كان أملي أن يكون فكرنا عنيدا ولا يستسلم، فكان على الأقل أن تبقى كرامة الطموح، ونأمل ببناء العلم والمعرفة ونتسلح بالتعليم.

أتى الأمير الشاب الأمير محمد بن سلمان في يوم تاريخي ليبني «حجرة الأساس» في وجه الفساد، فكل فاسد لن ينجو من فعله، ولن يفكر أي شخص بالفساد بعد اليوم، بل إن الفاسدين اليوم يتمنون في الصباح أن يمسوا في منازلهم، وفي المساء يتمنون أن يصبحوا بين أولادهم. إنه

يوم تاريخي ونسأل الله التوفيق والسداد للأمير ولخادم الحرمين الشريفين في هذه المهام الصعبة، في أوقات حرجة نقاتل فيها في الجنوب والشمال، وإيران من جهة، وجهات داعمة لها، وإرهاب من الداخل والخارج، وصعوبات في مراحل البناء التنموي.

Barjasbh@