المضاد الحيوي قبل الفلقة!

الخميس - 23 نوفمبر 2017

Thu - 23 Nov 2017

لم يكن ميلاد المضاد الحيوي قريبا، بل إن استخدامه يعود لآلاف السنين وبصور مختلفة، منها استخدام الخبز والمأكولات المتعفنة على الجروح والإصابات.

تطور المضاد الحيوي حتى أصبح في عصرنا هذا متواجدا بأشكال كثيرة، إلا أن الفكرة الجوهرية في تصنيعه تعتمد على بكتيريا ميتة أو مضعفة حتى يصرف للمريض فيكون جهازه المناعي حاجز صد تجاه هذه البكتيريا بعد أن ينتصر عليها في نزاله المحتدم.

المضاد هو هاجس كبير للممارس الصحي، وخير ما تصفه هي عبارة «سلاح ذو حدين»، كون استخدامه الخاطئ يأخذ بيد المريض إلى بر غير آمن، أما عن استخدامه الكثيف دون حاجة، هذا ما يكون مقاومة للبكتيريا تجاه جهاز المناعة، فيصبح استعماله بعد ذلك دون جدوى.

اللوم الكبير لا يقع على المريض، فهو في حضرة طبيبه عبد مأمور، ولا ثقة تتجاوز ثقة المريض بطبيبه، إنما يقع اللوم على الطبيب الذي يستحل صرف المضاد في كل طالعة وواردة، متناسيا خطورة هذا الاستحلال، ومتغافلا عن تحذيرات منظمة الصحة العالمية، ضاربا بصحة المريض عرض الحائط!

لصرف المضاد الحيوي شروط كثيرة لا يحصل الطبيب على شهادته حتى تخرم هذه الشروط على وجنتيه، ولا يتجاوز هذه الشروط إلا من يقدم مصلحة نفسه على صحة مريضه، فيصرف المضاد في كل شكوى مرضية أو تدخل علاجي دون مؤشرات لاحتياج المضاد، متشددا بما يسمى مبدأ «الوقاية»!

وحتى تتعرف على حقيقة تطبيق مبدأ الوقاية ومدى هشاشته، راجع أدراج مكاتب بعض الأطباء، لتجد كتيب الوصفات الطبية مملوءا بقالب وحيد يحمل وصفة مضاد واحدة، يسلمها كل مريض دون أي اعتبار لحالته إن كانت تستدعي العلاج بالمضاد أم لا، لتجزم بعدها أن بعض الأطباء يجهزون «المضاد الحيوي» قبل الفلقة!

تتداخل في هذه القضية ثلاثة أطراف، متى ما كان أحدها نبيها، استطعنا تجاوز عقباتها، طرف يعود للطبيب نفسه، وآخر يرجع لثقافة المريض، والطرف الأخير يعود للهيئة التي تراقب الاثنين، متى ما حضر أحد هذه الأطراف بوعيه التام، قللنا مشاكل الاستخدام المنحرف للهاجس الكبير المدعو «المضاد الحيوي»!