علي الغامدي

صناعة المتطرفين في مواقع التواصل

الخميس - 23 نوفمبر 2017

Thu - 23 Nov 2017

مواقع التواصل الاجتماعي لم تعد مجرد محطات نتواصل ونتبادل الحديث فيها بعفوية، بل أصبحت محط أنظار الباحثين الاجتماعيين والنفسيين لدراسة سلوك المجتمعات وردود أفعالها تجاه أحداث وقضايا معينة.

د. روبرت كوزينتس هو أحد الباحثين المعروفين لدراسة سلوكيات المجتمعات في مواقع التواصل الاجتماعي، وقد عمل مستشارا في العديد من الشركات العملاقة، ونشر عدة أبحاث في مجلات علمية مرموقة في هذا المجال. أجرى كوزينتس دراسة قارن فيها سلوك المجتمع الأمريكي في التسعينات بما هو عليه اليوم من خلال الأفكار التي تطرح في مواقع التواصل مثل الفيس بوك وتويتر واليوتيوب وغيرها، وأكد في خلاصة أحد أبحاثه أن المجتمعات اليوم أصبحت أكثر انقساما وتطرفا في أفكارها عما كانت عليه في السابق، ويشمل ذلك مجالات الرياضة والاقتصاد والدين والسياسة، ويرجع السبب لمواقع التواصل الاجتماعي التي ساهمت في سرعة انتشار هذه الأفكار وترسيخها. كما وجد أن اللغة المستخدمة للتعبير عن الرأي اليوم أصبحت أكثر حدة وبذاءة، فما السبب في ذلك؟

المجال اليوم أصبح مفتوحا للجميع للتعبير عن آرائهم وعرض تحليلاتهم التي كانت مقتصرة في السابق على خبراء يمثلون مؤسسات معينة، فالذي يعلم والذي لا يعلم يدلي بدلوه ويشارك في أي قضية، وطبيعة أي فكرة أن يكون لها مؤيد ومعارض، لكن المشكلة تكمن في تصعيد الآراء من قبل الأتباع. والأشخاص الأعلى صوتا يتقمصون دور القادة الممثلين لكل رأي، حيث يجدون التأييد وتزايد الأتباع حتى يصلوا إلى درجة يشعرون فيها بالعظمة، ويقاتلون لانتصار فكرتهم وتأكيد علوها على الفكرة الأخرى التي تهددهم، حتى لو تطلب الأمر المبالغة والانحياز وتشويه الحقائق.

الأفكار المتطرفة أكثر رواجا وتداولا عند الأتباع والخصوم في الوقت نفسه، ومواقع التواصل تسهل ذلك، وهذا بدوره يجعل الآراء المحايدة تخفت حتى تتلاشى مع أصحابها، فانتباه الجماهير يتجه نحو المتعصبين في كل مجال حتى يصبحوا رموزا وقدوات في المجتمع. بعد تربع هؤلاء الرموز على عرش الشهرة تكثر معهم المقابلات التلفزيونية، ويبثون أفكارهم المسمومة في المجتمع الذي يقوم بالتعامل معها كحقائق ويجد أتباعا يدافعون عنها. والخطورة هنا تكمن في أن مجموع هذه الأفكار قد يشكل الرأي العام. كثرة تداول هذه الآراء وتكرارها في أوساط المجتمع يجعلها ترسخ وتتطور لتصبح ثقافة ثم عادة ثم معتقدا يلقي بثقله على المجتمع، ويصعب التخلص منه فيما بعد.

فإذا أردنا معرفة ثقافة أي مجتمع ومدى وعيه ووحدته أو انقسامه ما علينا إلا مراقبة ما يقوله أفراده في مواقع التواصل الاجتماعي.

  • مواقع التواصل تعكس سلوكيات المجتمعات

  • المتطرفون يجدونها بيئة خصبة لبث أفكارهم

  • المشاهير يتحكمون في الرأي العام

  • الأفكار المتطرفة أكثر رواجا وتداولا

  • آراء المشاهير قد تصبح حقائق لدى الأتباع




AliGhamdi2@