يا أزرق.. يا أحمر!

الاثنين - 20 نوفمبر 2017

Mon - 20 Nov 2017

أرفض التصنيفات والمسميات بجميع أشكالها فهي تحدث الفرقة أكثر مما تقرب. الوجود الإنساني معقد حتى قبل وجود هذه التصنيفات ووجودها يلخص الحالة الإنسانية في كيان واحد بخصائص محددة وتمثيلات وارتباطات وصور نمطية تقفز للذهن بمجرد سماعها.

وجود مثل هذه المسميات وإن ساعدت في توضيح التوجه الفكري لشخص ما، فهي لا تقدم كل الجوانب الأخرى للفرد. ووجود صفة معينة لا يعني انتفاء عكسها، فالأزرق بإمكانه أن يكون منفتحا فكريا ولديه تقبل لثقافات وآراء مختلفة، وقد يعي تماما أن الاختلاف في الرأي لا يعني استحالة التعايش. يدعو الوردي إلى التخلص من الأطر الفكرية والتعامل بموضوعية حيث يتسنى للفرد رؤية الأمور بطريقة تكون أقرب للحقيقة.

إن تنوع الاتجاهات الفكرية والآراء والأعراق يثري المجتمع. فلو كنت أخضر فلا يعني أن الأصفر عدوك، فهو لون آخر قد لا تحبه ولا تتفق معه لكن ذلك لا يعني أنه عدوك. للأسف أن الكثير ينظر إلى الآخر من إطار التصنيف الذي يقع تحته ويتعامل معه على هذا الأساس، فتنشأ عداوة بين شخصين لا يعرفان عن بعضهما شيئا غير جانب معين، وقد تكمن المشكلة في فهم هذا الجانب فتنشأ عندنا إشكالات أخرى.

نحن في زمن الفتن، وكثير من الناس ينساقون مع التيار بسرعة وبدون تفكير، ويكون حوارهم وهجومهم على مستوى الأفراد لا الأفكار، وأسلوب التصيد ومحاولة إثبات الخطأ والعيب في شخصية الطرف الآخر ويتجاهلون الموضوع الأساسي. كثيرا ما أرى فشل الحوار، وسأستخدم تويتر هنا كمثال لأنه أقرب لواقع الفرد العادي، في هاشتاقات تويتر يبدو أن هناك طرفا متعصبا لرأيه، يهاجم الطرف الثاني ويلت ويعجن في صور نمطية وقوالب صنعوها بحجة أنها تمنعهم من استيعاب نظرتهم المتنورة للأمور، وينسون المسائل الرئيسة.

أقرأ حجج كلا الطرفين وكثيرا ما أجدني أقرأ ردودا لا علاقة لها بالمشكلة الرئيسة إطلاقا ولا تقدم حلولا. صحيح أن مواقع التواصل الاجتماعي تحتوي على جميع أطياف المجتمع، المتعلم والجاهل، المتعقل والمتهور، الناضج والأقل نضجا. لكن لا بد من وجود التوعية، وهذه المشكلة ليست موجودة في مجتمعاتنا فحسب، بل في كثير من المجتمعات، وتعد عثرة في طريق الحوار الفعال وحل القضايا الإنسانية، حيث يتشبث كل طرف بمنظوره الشخصي تجاه الآخر ويتعامل معه على أساس الفكرة المتخيلة في ذهنه عنه لا على أساس الواقع، فتنشأ الكثير من الخلافات والتمثيلات السلبية والنزاعات التي لا نزال حتى اليوم نعاني من تبعاتها على الأصعدة الثقافية والسياسية والاجتماعية.