إسماعيل محمد التركستاني

الشكل الهرمي للرعاية الصحية

الاثنين - 20 نوفمبر 2017

Mon - 20 Nov 2017

ندرك أن المرض قد يكون قدرا لا مفر منه، وكل مؤمن بقدر الله يدرك أن هذا المرض ما هو إلا ابتلاء من الله، ويكون له من الأجر والثواب الشيء الكثير، وخاصة لمن صبر واحتسب الأجر على هذا الابتلاء، والذي يكون نتيجة لاختلال فسيولوجي في بنيته الجسدية، سواء كان ذلك الاختلال مشاهدا (على الجسم الخارجي) أو كان غير مشاهد (في داخل الجسد).

نعم، هي سنة الله في خلقه، قال تعالى في سورة الروم (الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة)، وفي آية أخرى، قال الله تعالى في سورة النساء (يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا). ومن رحمة الله بهذا الإنسان أن جعل لكل داء دواء وعلاجا، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء)، وعنه صلى الله عليه وسلم قال (لكل داء دواء فإذا أصاب دواء الداء برأ بإذن الله).

ومن هنا تأتي أهمية الخدمات الصحية في تقديم الرعاية الصحية إلى من يحتاجها، وفي صورة تكون نتيجتها بإذن الله العلاج والتعافي من تلك الاعتلالات الجسدية، أو التخفيف من وطأة آلامها على الجسد البشري والذي يعمل بصورة متكاملة، وذلك كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).

إن الهدف الأسمى من تقديم الرعاية الصحية هو في تحسين حياة الإنسان المصاب الذي يعاني من تلك الاعتلالات الفسيولوجية إلى حالة يكون فيها وضعه الصحي أفضل وأحسن، ويكون ذلك عن طريق تخفيف ثقل المعاناة من تلك الاعتلالات في بعض الوظائف الفسيولوجية والتي يعاني منها. إذن، إذا وضعنا الرعاية الصحية على شكل هرمي، تكون فيها صحة الإنسان (أو المجتمع) على قمة ذلك الهرم الصحي، ولكن، وللوصول بتلك الخدمات إلى القمة (صحة الإنسان) لا بد أن يكون هناك أمران هامان تبنى عليهما تلك الخطوات والاستراتيجيات الصحية، وهذان الأمران هما:

الأول: إيصال الرعاية الصحية بمختلف صورها إلى المجتمع، وذلك يتطلب أن يكون هناك تعريف دقيق لمختلف أنواع وحقول الخدمات الصحية المقدمة لجميع أفراد المجتمع، وذلك حسب معايير متعارف عليها.

الثاني: مراعاة القيمة العلاجية لمختلف أنواع الرعاية الصحية ومحاولة خفضها دون المساس بالمستوى الحقيقي لمختلف أنواع الرعاية المقدمة.

وهذان الأمران بحاجة ماسة إلى وجود قاعدة صحية هامة وصلبة والتي تتمثل في توفر بيئة من الثقافة الصحية القابلة للتغيير والتطوير الإيجابي والمؤثر، إلى جانب وجود أنظمة صحية تساعد على رعاية مثل تلك الثقافات الصحية وتبنيها. إن مثل تلك النظم والثقافات الصحية هي في الأساس تكون نابعة من مشاركة من أصحاب القصص الناجحة في الرعاية الصحية.

باختصار.. إن الارتقاء والابتكار في عالم الرعاية الصحية والمتمثلين في تطبيق أنظمة ومشاريع ناجحة في الحقل الصحي يكون المستفيد منهما (المريض) في المقام الأول هدفا لمختلف تلك التطبيقات، يكون ذلك (الارتقاء والتجديد) نتيجة توفر بيئة خصبة من الأفكار الإيجابية والتي يأتي بها أصحاب الخبرات المميزة في مجال الرعاية الصحية.

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال