عبدالله المزهر

كروية الأرض لا تعنيني.. أريد الجزء المسطح!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الاحد - 19 نوفمبر 2017

Sun - 19 Nov 2017

من أهم المؤتمرات التي عقدت هذه الأيام المؤتمر الدولي الأول للأرض المسطحة في ولاية كارولينا الشمالية في أمريكا، وقد اجتمع في هذا المؤتمر بضع مئات من مؤيدي نظرية المؤامرة الكافرين بكروية الأرض الذين يحاولون إثبات أن الأرض مسطحة وأن القطب الجنوبي هو جدار جليدي يحيط بالأرض وليس مجرد بقعة في أسفل شكل كروي. ولم يتحدث المؤتمر عن الأشياء الموجودة خلف هذا الجدار، وربما يتطرقون لها في مؤتمر لاحق بعد عرض آخر جزء من مسلسل «صراع العروش».

وهذا المؤتمر مهم من عدة جوانب علمية واجتماعية ونفسية، والنظر إليه بسخرية أمر لا يليق. فأول فوائد انعقاد مثل هذه المؤتمرات في بلاد الغرب المتقدم هو إثبات أن «العبط» هو أحد أهم القواسم المشتركة بين شعوب هذا الكوكب ـ بغض النظر عن شكله ـ وأن تصنيف المجتمعات إلى متقدمة ومتخلفة لا يؤثر على هذه القواسم والأشياء البشرية المشتركة.

ولذلك فنحن حين سخرنا من أحد «الأفاضل» وهو يحاول إثبات أن الأرض مسطحة باستخدام أكواب الماء التي كانت أمامه على الطاولة، فإننا سخرنا من حقه أن يكون عبيطا كأي إنسان يمارس هذا الحق حتى في أكثر الدول تقدما علميا وصناعيا.

الجانب الأهم في هذا المؤتمر هو أني شعرت لوهلة أنهم ربما يكونون على حق، من الصعب في هذا الزمن الإقرار بصحة شيء هكذا لمجرد أن سبعة مليارات شخص على قناعة به.

غرابة الأخبار وتبدل المواقف والكثير من التصريحات التي يطلقها الساسة والإعلاميون الذين يملؤون الأرض والفضاء أقرب إلى الخيال من تلك الأشياء التي يناقشها المؤتمرون في المؤتمر الدولي للأرض المسطحة.

والقول بأن الأرض فعلا مسطحة أقرب إلى التصديق من الأخبار التي نسمعها في نشرات الأخبار والتي يقولها أناس يبدو عليهم الوقار والرزانة.

الفارق الوحيد هو أن الذين يقولون بأن الأرض مسطحة وينكرون كرويتها يقولون ذلك ثم يعودون إلى منازلهم دون أن يتسببوا في الأذى لبقية المخلوقات، بينما نجوم نشرات الأخبار يؤذون الناس والكائنات الحية والحياة وكوكب الأرض نفسه بغض النظر عن شكله الهندسي.

وعلى أي حال..

أنا كمواطن لا يهمني شكل كوكب الأرض كثيرا، يهمني شكل الجزء الخاص بي من هذا الكوكب فقط، أجدني ميالا إلى تصديق نظرية أن الأرض مسطحة فيما يخصني، وأتمنى أن تعتنق معي وزارة الإسكان هذا المذهب، ونتوقف سويا عن الدوران في كون العقار الفسيح، لأن هذا الدوران سينتهي بنا حتما في «ثقب أسود» يبتلع كل شيء.

agrni@