محمد أحمد بابا

الدنيا قوائم

الاحد - 19 نوفمبر 2017

Sun - 19 Nov 2017

في ذاكرة كل واحد منا قوائم، ولو نسيها أو لم يعتبرها قوائم. فينا علامات لقوائم سوداء وبيضاء وبنفسجية، وفي أنفسنا قوائم لأشياء. عندنا في بواطننا قوائم لأشخاص مصنفة حسب مزاجنا وفكرنا. لدينا قوائم لأشلاء، وقوائم لذكريات، وقوائم لممنوعات، وقوائم لتجارب. فينا قوائم ندم، وقوائم فخر، وقوائم لضحايانا، وقوائم لضحاياهم. أنا وغيري في برمجة لا تتوقف نجدد ونحدث هذه القوائم باستمرار، طالما استمرت الحياة واستمر التعامل مع البشر ومع الأمور والعلم والثقافات والدين والمستجدات.

حتى في أجهزتنا قوائم، وفي حساباتنا في مواقع التواصل لدينا قوائم ومجموعات مصنفة وفق ما نحب أو لا نحب، ولدينا قائمة حظر وأخرى للحجب على الدوام أو للطوارئ، ولدينا في أجهزة تلفزيوناتنا قوائم مفضلة وأخرى تحمل رسم قلب، وفي ايميلاتنا قوائم ومدسوسات وهلوسات ذات قوائم.

المؤسسات والشركات والكيانات تعملقت أو تقزمت لديها قوائم تعلنها أو تخفيها، وهي بذلك تحكم على أخريات وآخرين بالتعامل أو غيره، ومن حكم في ماله ما ظلم.

التجمعات والمؤسسات مثل الإنسان - الذي يؤمن بأنه حر أن تكون وجهة نظره تجاه آخر كما يرى، لكنه لا يعتدي عليه - تضع قوائم وتعلن صيغة تعامل. لذلك إيمانا بالحرية من حق أية جهة أن تعلن رأيها في أخرى، وتضع من القوائم ما تشاء، طالما هي تتكلم عن محيط مستطيل ما تملكه كما الإنسان.

خلاصة الكلام:

لا يجرمنك شنآن قوم أن تضع من القوائم ما تشاء، ولتكن لك أجندة تعامل كما ترى، إن شئت فأعلن وإن شئت فأخفها، فتلك أحقية لك فيما تملك من فكرك.

لكن: لا تغضب حين يكون لغيرك قوائم تشملك أو تشمل ما تحب فأعلن عنها، فمن العدل أن تكون مع قوائمي مثلي مع قوائمك.

بعضنا له قائمة طويلة حين يحب، وله مختصرات حين يكره، وآخرون لا يؤمنون بقائمة فيها أسماء أحبابهم بقدر ما يضعون مواصفات لو طبقتها على الواقع لكانت قائمتهم كل الناس لكنهم يكابرون، وصنف ثالث في الأحقاد قائمته يحدثها على مدار الموقف.

وسرد القوائم قبل النوم لمن يحاسب نفسه مثل خرط القتاد، ومراجعة القوائم قبل العزائم محاذير الكرماء، وقائمة طلبات التسوق معيار الرواتب.

أما ألا تكون لك قائمة فذلك مستحيل ولو توهمت ذلك، فلن تجد في الدنيا ما لا يمكن أن يكون قائمة تحصى إلا قول ربي تعالى «وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها».

albabamohamad@