مأدبة بحرية على كارثة بيئية

الاحد - 19 نوفمبر 2017

Sun - 19 Nov 2017

المأدبة خاصة فقط لفئة VIP، أما أنت يا مواطن الساحل فسيأتي دورك حين ينتهي «الكبار».

إليكم قائمة المدعوين ونص بطاقة الدعوة:

المؤسسة العامة للحبوب، الهيئة العامة للأرصاد وحماية البيئة، هيئة المواصفات والمقاييس، وزارة البيئة والمياه والزراعة.

بعد السلام والصلاة على رسول الله الذي بلغنا قول الله تعالى (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون)، آية 8 - المؤمنون، أتوجه باسمي كمواطنة في محافظة ضباء الواقعة شمال غرب المملكة العربية السعودية، على ساحل البحر الأحمر، بدعوتكم لحضور «مأدبة عشاء» على المنطقة الساحلية الواقعة شمال ضباء، ولكم اختيار الشاطئ ما بين «المويلح» وحتى «عيانة».

يتخلل اللقاء قبل تقديم واجب المأدبة: سرد لقصة سئم سكان المحافظة سماعها وروايتها حينما غاب المستمع، عنوانها (السوس ومصنع الشعير).

يروى في قديم الزمان أن قدماء المصريين أنشؤوا الصوامع للغلال، وثبت ذلك بالآثار من العام 1800 ق.م، ونحن الآن في نهاية التحول الوطني 2020، ونتجه لبداية نجاح الرؤية 2030، ولا نمتلك صومعة واحدة نتركها كآثار للأجيال القادمة!

في كل عام من الشهر نفسه نقرأ مقالات حول ذات الموضوع، وننتظر تنفيذ المطالب، ولكن!

تقع محطة تعبئة الشعير أو كما يسمى (مصنع الشعير) على بعد (20 كلم) من المدينة، وتمتد مناطق سكنية وصولا للموقع.

منذ إنشائه والكل يطالب باستكمال المراحل التالية لبناء صوامع حفظ الغلال، وزادت المطالب بعد ارتفاع نسبة الضرر من انتشار حشرة السوس، وامتلاء «المطابخ» منها والحبوب المخزنة بالمنازل، واللدغات الحارقة المصاحبة بورم جلدي، جعلت من السكان زائرين لأروقة

مستشفى ضباء العام كل عام، وفي نفس الموعد، خطر يداهمنا ومن المسؤول، عودة لمن بأعلى قائمة الدعوة؟!

مغيب الشمس حان وتنتهي القصة رغما عني ليخبركم المساء حكاية خوف رافق الأمهات على أطفالهن مع اقتراب كل يوم.

لن يسعكم وقت لتناول ما قدمته لكم على «المأدبة» وأنتم تحاربون بأياديكم سحابا أسود يمطر «سوسا قارصا»، ولربما كانت الحبوب التي أعدت منها «المأدبة» أوكارا «لبيض السوس» قبل أن يتناول معظمها متحولا لحشرة مكتملة النمو تحلق في سماء شواطئنا التي جذبت العالم نحوها للاستثمار في (مشروع نيوم).

السبت 29 صفر 1439 (تاريخ للذاكرة) حضرت لجنة من هيئة الأرصاد وحماية البيئة بعد مطالبات من المواطنين عبر برنامج التواصل الاجتماعي الأسرع تأثيرا باعتقادي (تويتر)، قاموا بزيارة الموقع وتحديد المخالفات بـ: عدم وجود صوامع للتخزين، وعدم رش المبيدات بانتظام.

تجاوب يشكر عليه القائمون، كان أسرع من إرسال الدعوة لحضورهم «المأدبة».

هنا تبدأ التساؤلات الأهم، والكارثة الحقيقية إن لم يكتمل العمل عليها: هل سيتم دفع غرامات مالية للمخالفات، ويبقى الحال كما هو عليه؟ هل سيغلق الموقع بسبب المخالفات ويبقى الشعير موطنا لتكاثر حشرة السوس دون رش مبيدات واتخاذ إجراءات السلامة من انتشاره؟

أما الآن فقد حان دور المواطن الساحلي في القصة وهو باتخاذ تدابير الحماية التالية: أطفئوا الأضواء مع حلول المساء، فالضوء يجذب السوس للدخول حيثما وجده، وبه اقتصاد في استخدام الكهرباء!

تعريض الحبوب المنزلية إما لدرجة حرارة 50 درجة مئوية لمدة ساعة، أو بالبرودة عن طريق حفظ الحبوب في الفريزر، ووضع أوراق القرنفل أو الريحان «المجففة» في حاويات الحفظ، وكذلك نثر القليل منها على رفوف المطبخ، وذلك توفيرا لميزانية شراء مواد غذائية جديدة، لن تخلو أيضا من السوس!

وها نحن ننتظر استكمال الإجراءات اللازمة والصحيحة للحد من المعاناة السنوية لانتشار «حشرة السوس» حتى توضع النهاية المناسبة لقصة استغرقت الكتابة فيها أعواما وبأقلام مختلفة، فبأي قلم ستكتب النهاية؟!

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال