منبع كل فساد

السبت - 18 نوفمبر 2017

Sat - 18 Nov 2017

من المتعارف عليه أن الفساد بكل أنواعه يشكل خطرا كبيرا على المجتمعات، ولكن الفساد الأخطر بلا شك هو الفساد الأخلاقي والديني الذي يعرض في الإعلام المرئي لأنه أساس كل فساد.

وحقيقة فهذا الموضوع يؤرقني في كل وقت ويؤرق كل مسلم غيور على دينه بلا شك، وحتى العقلاء من غير المسلمين في الغرب تنبهوا لهذا الأمر فأصبحوا ينادون بضبط القيم والأخلاق، ومطالبة إعلامهم وقنواتهم بتقديم كل ما يليق بالأسرة لتأثيره الواضح على أرض الواقع.

ومن دلائل ذلك ما حصل مؤخرا بقيامهم بتنظيم حملات جديدة ضد التحرش الجنسي في المدارس بسبب الاختلاط، بحسب صحيفة الجارديان البريطانية، والذي هو بلا شك أحد إفرازات الإعلام المنحط.

عندما تعرض القنوات غير المسلمة بكل اللغات مواد فاسدة وغير أخلاقية فلا نستغرب منها ذلك، لأنهم ليسوا على ملة الإسلام، ولا دين يحكمهم، ولذلك فالحرية لديهم مفتوحة على مصراعيها بلا قيود، تحط من مكانة الفرد إلى درجة البهيمية، ولكن المصيبة الأعظم تكمن في قنوات عربية في بلاد الإسلام، وملاكها مسلمون، قنوات تميع شرائع الدين وتقلل من شأنها وتقتل الحياء والفضيلة وتعرض الفساد والرذيلة وكل ما يحرك الغرائز والشهوات ليل نهار وعلى مرأى من الجميع؟!

الموضوع خطير جدا وتأثيره كبير على الكبار والصغار على حد سواء، وخصوصا الأجيال الناشئة التي بلا شك ستكون صيدا سهلا لكل ما يعرض فتتشربه ويشكلها كيفما شاء على المستوى الفكري والأخلاقي، نتفق جميعا على أن مسؤولية البيت والأسرة عظيمة بالقضاء على هذا الفساد والحرص على تحصين الأبناء بالتوجيه والإرشاد والابتعاد بهم إلى بر الأمان الذي يضمن حفظهم بإذن الله، ولكن مسؤولية المجتمع بتكامل أفراده ومؤسساته المدنية وكل غيور على دينه وبيده التغيير - للمشاركة والوقوف بكل جدية وحزم في مواجهة تلك القنوات لتجفيف منابعها وتخليص الناس من شرورها - مسؤولية أعظم وأوجب.

فنحن مسلمون دستورنا الكتاب والسنة ويحكمنا شرع الله الذي ارتضينا اتباعه وتحقيق العبادة - التي هي الهدف الأسمى للخلق - الموصلة لرضا الخالق عز وجل وجنته التي وعدنا بها بطاعته والابتعاد عن معصيته، وهنا كذلك دعوة لمن يملك مثل هذه القنوات: قف مع نفسك وراجع حساباتك وعد إلى ربك بالتوبة النصوح قبل أن يوافيك الأجل فأنت لا تستطيع أن تحمل ذنبك ووزرك فكيف بحمل أوزار الملايين من المشاهدين لقنواتك، فكل شيء مكتوب في لوح محفوظ وما تفعله اليوم تجده غدا في صحيفتك، فقد قال عز وجل في محكم التنزيل (إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمام مبين)، أسأل الله أن يوفقنا جميعا لما يحب ويرضى، وأن يجعلنا مفاتيح للخير مغاليق للشر، وأن يرد كيد المفسدين في نحورهم، إنه على ذلك قدير.