أحمد العيسى والتعليم.. وعبدالله عريف والأمانة!

السبت - 18 نوفمبر 2017

Sat - 18 Nov 2017

عند قراءتي لمقال الكاتب عبدالغني القش بجريدة مكة بعددها 1399 الصادر يوم الاربعاء 26/‏2/‏1439 الموافق 15/‏11/‏2017 (التعليم.. متى تستقيم أمورنا؟!) والذي استفزه تصريح وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى الذي قال فيه: (قصور المعلم في أداء واجباته نوع من الفساد الذي يجب التصدي له).. ووصفه بالكلام الصادم والمحطم والهادم لنفوس المعلمين.

وقال مدافعا عن المعلمين (.. ويبدو أن معاليه قد فاته ما يكابده هؤلاء الفضلاء من معاناة في الانتقال من مدنهم لقرى ومراكز بعيدة، وما يدفعون من جيوبهم في سبيل تأمين الوسائل التعليمية وجلب المحفزات لطلابهم من جوائز وهدايا، بل وما يدفعونه من أجل إصلاح القاعات الدراسية في أحيان كثيرة..).

ثم يطلب من الوزير أن يقوم بجولات مكثفة وسرية بعيدة عن الإعلام ليرى بأم عينيه الوضع على الطبيعة، وفي الحقيقة أن بعض المدرسين وهم قلة للأسف قد ينطبق عليهم ما وصفهم به الكاتب الكريم، وإلا ما معنى أن يقوم بعض المدرسين بتلخيص المقرر بشكل مبتسر ويصوره ببضع وريقات ويضعه في مراكز خدمة الطالب، ويطلب من طلابه الذهاب لشرائها والاكتفاء بها عن المقرر، ويغريهم بأن الامتحان سيكون محصورا بهذه الوريقات.

وما معنى أن يكلف أحد المدرسين عريف الفصل أو أحد زملائه في الفصل المجاور للانتباه للطلبة ويخرج متسللا لأقرب فرع لأحد البنوك ليطلع على شاشة الأسهم حتى لا تفوته الفرصة – هذا الكلام قبل السقوط المدوي لها عام 2006 – أما الآن ولله الحمد فقد توفرت الخدمات الالكترونية وأصبح يتابع ويبيع ويشتري بواسطة هاتفه النقال.

أنا لا أدافع عن الوزير بهذا، ولكن هذا ما لمسته وشاهدته، وأنا أقرأ المقال تذكرت ما كان فيما سبق، إذ قبل 60 عاما كان عبدالله عريف رئيس تحرير جريدة (البلاد السعودية) ينتقد بعض الجهات الرسمية المقصرة في توفير الخدمات للمجتمع، وقد خصص زاوية باسم (همسات) ثم (همسة) يوقعها باسمه المستعار (أبو نظارة)، وقد كثر نقده لأمانة العاصمة – مكة – فلفت ذلك نظر ولي العهد الأمير فيصل –الملك فيما بعد – ففي المؤتمر الصحفي الذي عقده الأمير عام 1379 مع رؤساء تحرير الصحف تطرق لكثرة الانتقاد، وقال للعريف متحديا لقد عيناك أمينا للعاصمة حتى نرى تصحيحك لما تنتقده. وفعلا تولى عمله، وبدأ باختيار من يرى فيه الكفاءة والمقدرة على تحمل المسؤولية، فكان يصحو من الصباح الباكر ومع طلوع الشمس يذهب لحارات مكة وأسواقها يتفقدها وبين يديه مسجل يسجل به ما يراه معيبا يجب تصحيحه مثل حفرة أو سيارة متعطلة في الطريق أو جيفة حيوان أو صاحب مبسط أو دكان احتل جزءا من الطريق وغير ذلك، فيذهب إلى عمله بالأمانة مع بداية الدوام الرسمي فيجمع رؤساء الأقسام ليسمعهم ما سجله وكل واحد منهم يذهب حيث مسؤوليته، أو يكلف العمال بإزالة أي خطأ تجب إزالته، أما وقت الأمطار ووقت الحج فكان يذهب معهم لمعالجة ما يرونه غير مناسب في وقته وغير ذلك كثير، وقد أثبت وجوده وقبل التحدي، واعتبره الجميع من أفضل من تولى أمانة مكة.

والدكتور أحمد العيسى ليس بعيدا عن التعليم فهو الأستاذ والعميد ومدير جامعة اليمامة – من قبل – وممن اصطدم مع التطرف الذي كاد أن يعوق مسيرتها.

وهو مع ذلك الكاتب والمفكر والناقد لمسيرة التعليم، والجميع ينتظر منه الكثير من الخطوات التطويرية للتربية والتعليم والتي تهدف إليها رؤية 2030.

وهذا لا يعني أن نطلب من الوزير أن يقوم بما قام به أمين العاصمة، فلكل مقام مقال، فالوزير لم يقل إن كل المدرسين مقصرون، ولكن لكل قاعدة شواذ وما لا يدرك كله لا يترك جله.