من خطب الجمعة

الجمعة - 17 نوفمبر 2017

Fri - 17 Nov 2017

لا معنى للأماني بلا عمل

«الأماني وحدها لا تكفي ليبلغ العبد مرامه، ويحقق أحلامه، فحياة بلا عمل غرق في أحلام واهية يزينها الشيطان، وأن الفوز بالجنة يحصل بالعمل الصالح وعبادة الله وطاعته فينال العبد بها رضا الرحمن وجنته.

أن كل أمنية تمنى لفعل الخير فهي ممدوحة، وما كان منها اعتراض على القدر وفي تحصيل المستحيل فهي مذمومة، التمني يدل على الهم الذي يحمله الإنسان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «والنفس تمنى وتشتهي» فهناك من يرنو بأمنيته إلى ذرى العز والمجد، وهناك من يهوي بأمنيته إلى مهاوي الحفر.

أصحاب الهمم والعزائم تتسع أمانيهم وبها تزين حياتهم، فبينما كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يجلس مع أصحابه يوما قال لهم: تمنوا، فقال رجل: أتمنى لو أن هذه الدار مملوءة ذهبا أنفقه في سبيل الله، ثم قال، تمنوا، فقال رجل: أتمنى لو أنها مملوءة زبرجدا وجواهر، فأنفقه في سبيل الله وأتصدق به، ثم قال عمر رضي الله عنه: تمنوا، فقالوا: ما ترى يا أمير المؤمنين؟ قال عمر: أتمنى لو أنها مملوءة رجالا مثل أبي عبيدة بن الجراح، ومعاذ بن جبل، وسالم مولى أبي حذيفة، وحذيفة بن اليمان.

اجتمع في الحجر مصعب، وعروة، وعبدالله بن الزبير، وعبدالله بن عمر، فقالوا: تمنوا، فقال عبدالله بن الزبير: أما أنا فأتمنى الخلافة، وقال عروة: أما أنا فأتمنى أن يؤخذ عني العلم، وقال مصعب: أما أنا فأتمنى إمرة العراق، والجمع بين عائشة بنت طلحة وسكينة بنت الحسين، وقال عبدالله بن عمر: أما أنا فأتمنى المغفرة، فنالوا كلهم ما تمنوا، ولعل ابن عمر قد غفر له».

عبدالباري الثبيتي ـ الحرم المدني

آداب سؤال العلماء

«من الآداب التزام الأدب عند السؤال وتوقير العالم، وتحسين الألفاظ، وحفظ الألقاب، وخفض الصوت، وحسن الإنصات والاستماع، ولا يكثر في إيماء يديه، أو بصره، وليتجنب الرعونة والجفاء، وقلة الأدب، ومن الأدب عدم الإكثار من إيراد الأسئلة على المفتي أو الشيخ مما يجلب الإملال وسوء الخلق، وكذلك من الأدب أن لا يقول في استفتائه قال العالم الفلاني كذا، أو إن العالم الفلاني يخالفك في كذا، فهذا من قلة الأدب، ومن طبيعة النفوس أنها لا تحب إيراد قول غيرها في معرض السؤال وقد قالوا: كلام الأقران يطوى ولا يروى، وليحذر إيقاع الخلاف أو الشحناء بين أهل العلم، ومن الأدب كذلك تحري الأوقات المناسبة للمفتي فلا يسأل في كل وقت، ولا سيما مع تيسر أدوات الاتصال والتواصل واختلاف الأوقات بين الدول والمناطق، فينبغي مراعاة ذلك حتى لا يتسبب ذلك في إيذاء المفتي، فللمفتي الحق في الراحة، والأكل، والشرب، والقراءة، والعبادة، والجلوس مع الأهل، وغير ذلك من الحاجات والأغراض.

إن سؤال المرأة أهل العلم عن أمر دينها حق مشروع، وأمر لا يستغنى عنه، فعند البخاري رحمه الله كانت عائشة رضي الله عنها لا تسمع شيئا لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه، ولم تزل نساء الصحابة يكلمن الرجال في السلام، والاستفتاء، والسؤال، والمشاورة، وعند مسلم «قالت عائشة رضي الله عنها: نعم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يسألن عن الدين ويتفقهن فيه».

وفي أدب المفتي فالمفتي موقع عن رب العالمين، فهو يفتي بما يرى أنه حكم الله، إما بشرع منزل ونص مباشر، أو باجتهاد سائغ صادر من أهله في محله، فالمفتي يوقع عن الله في إخبار الناس بأحكام الله، وكان ابن عمر رضي الله عنهما إذا سئل يقول: يريدون أن يجعلونا جسرا يمرون عليه إلى جهنم، كيف وقد جاء في الحديث أن أعظم المسلمين في المسلمين جرما من سأل عن شيء فحرم من أجل مسألته فهذا يشمل السائل والمسؤول».

الدكتور صالح بن حميد ـ الحرم المكي