سلطان السجان

«مكن» وتنمية الفساد

الخميس - 16 نوفمبر 2017

Thu - 16 Nov 2017

كنت أهاتف أختي التي تعمل معلمة في إحدى القرى التي تبعد عن منزلها قرابة الألف كيلو إلا اليسير (وهذا الأمر ليس بمستغرب وغير مهم في هذه المقالة)، وصوتها يكسوه الإحباط والأسى وتعبر لي عن حزنها بأن «مهابة المعلم» قد فقدت، وأن جيل الطلاب والطالبات الحالي أصبح أكثر تعنتا وعنادا... إلخ.

بعد انتهاء اتصالي بها أخذت أبحث يمنة ويسرة عن كل التفاصيل الممكنة فيما يخص نظام «مكن»، وللأسف لم أجد الكثير، ولكن استعنت بخبراتي العلمية والعملية في علم الإدارة لفهم نظام «مكن»، وإليكم يا سادة ما توصلت إليه، ولعلي أكون مخطئا، ولعل الله تعالى أعانني في الإصابة.

نظام «مكن» مبنى على منهج 360 درجة للتقييم لدى الشركات والمنظمات الربحية وغير الربحية بصفة عامة. بمعنى أن الموظف في تلك المنظمة يقيم ويتم تقييمه من قبل جميع من حوله ولهم علاقة مباشرة به مثل مدرائه والموظفين الذين تحت إدارته وعملائه وزملائه، وفي المقابل هذا الموظف يقوم بتقويم مدرائه وموظفيه الذين هم تحت إدارته وعملائه وزملائه. هذا النظام الرائع يجعل مسألة التقييم مسألة تفاعلية، وأن على الجميع أن يقدر ويثمن دور ما يقوم به الآخرون. هذا باختصار شديد مفهوم جوهر نظام «مكن»، وهو نظام علمي عملي حديث.

ولكن يبدو أن وزارة التعليم قد طبقت فقط 180 درجة من نظام 360 درجة للتقييم. فحسب المعطيات من موقع الوزارة فإن نظام «مكن» يقوم على تقييم المعلم وقائد المدرسة والمشرفين التربويين من قبل الطلاب والطالبات، وأيضا من قبل الوزارة، وفي المقابل سلب منهم حق التقييم للطلاب والطالبات، وأيضا الوزارة، فأصبحوا كالشطيرة (الساندوتش) من الأعلى محصورين بالوزارة، ومن الأسفل بالطلبة والطالبات، ولا أعلم ولكني الآن بدأت أشعر بقهرهم وضيقهم وشدتهم.

نظام 360 درجة للتقييم يعين على تقليل وتحجيم حجم الفساد، ولكني أعتبر نظام «مكن» نظام تنمية الفساد بدرجة ممتاز بدون منازع، فالمعلم والمعلمة سوف يبحثان بأي طريقة ممكنة من أجل إرضاء الطالب أو الطالبة، حتى يتمكنا من الحصول على مرتبهما كاملين. وفي المقابل ينتشر الفساد في طبقة المشرفين التربويين من أجل الحصول على درجات تقييم عالية. هذا النظام أعطى لفئة محددة في منظومة التعليم التفاعلية الجزرة وفئة أخرى أعطاها العصا.

وهنا أريد أن أستشهد بمقولة أحد المستشرقين «إذا أردت أن تهدم حضارة فدمر الأسرة والتعليم وأسقط القدوات والمراجع». وأريد أن أستشهد بمقولة أحد رؤساء وزراء اليابان عندما سئل عن سر التقدم التكنولوجي في اليابان فأجاب: لقد أعطينا المعلم راتب الوزير وحصانة الدبلوماسي وهيبة الإمبراطور.

ألا من أبلغ وزير التعليم عني:

أوردها سعد وسعد مشتمل

ما هكذا يا سعد تورد الإبل

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال