تصورنا للتربية المستقبلية

الثلاثاء - 14 نوفمبر 2017

Tue - 14 Nov 2017

إن تصور المجتمع للتربية المستقبلية حتما سينطلق من الوعي المنشود للمدركات والآمال التي يطمح أن يحققها بسواعد وعقول أفراده، وفقـا لرؤيته وخططه المعدة مسبقا وتطلعه لغد مشرق مزدهر قريب، وتكتمل الصورة بعد الكشف الهادف والتشخيص الدقيق للواقع التربوي بصورته التي تعيشها ساحاتنا التعليمية، والبنية الشخصية لهذا الإنسان ومكوناته، وسؤال هنا هل فلسلفة التربية الحالية وسياستها وأهدافها وبنيتها وتفاعلاتها ومخرجاتها تتفق مع طموحات وآمال المجتمع، وهل مخرجاتها المستقبلية ستكون بالكفاءة والقدرة على البناء والتفاعل مع هذه المشروعات التنموية الاقتصادية الضخمة كمشروع «نيوم»، ومشروع «القدية»، والمشروع السياحي على 50 جزيرة بحرية، وهل البوصلة التربوية متجهة إلى عصر جديد من صناعة السياحة العصرية وفق رؤية مستقبلية ترفيهية واقتصادية.

ولكي نتجه بالبوصلة إلى الاتجاه الصحيح يجب ألا نغفل أهمية مواكبة واقع مجتمعنا وطبيعته الاجتماعية وما يحويه من عناصر ومكونات ومقومات في الاستفادة منها في حل وتطوير تنمية المجتمع تربويا واقتصاديا واجتماعيا، وتفسير ما يواجهه من قضايا ومشكلات، بالإضافة إلى تنشيط الآليات النوعية والضرورية لأسواق العمل من أجل تمكينها من تحديث بناها الاقتصادية والتكنولوجية والعلمية. وعلى هذا الأساس فإن جودة التعليم تشكل هاجسا للمجتمع المقبل على عصر جديد، وللجامعات التي تقود التغيير، مما دفع هذا إلى أهمية التعليم وتفعيل دوره في إعداد نظام يتحقق من خلاله الجودة التي تعتمد على بنية نظام متكامل للمؤسسات التعليمية، وهذا يتطلب طبعا تغير الأسس التقليدية التي ترتكز عليها الجامعات، واستجابة سريعة للمتغيرات والحاجات البشرية من خلال استحداث برامج جديدة ومرنة تلبي متطلبات تطوير مهارات الموارد البشرية وفقا للظروف الاقتصادية والاجتماعية، وكذلك المتغيرات في سوق العمل، مما يجعل الجامعات قادرة على مواكبة التغيرات والمستجدات في كافة المجالات، والقيام بدورها الحقيقي في تهيئة أفراد المجتمع ليكونوا فاعلين قائدين لأوطانهم محققين لها الخيارات الأمثل.

ومن هنا لا بد على التعليم أن يتفطن بأدواره الأخرى القائمة على البحث العلمي وزيادة المعرفة وتحديثها، والمجالات الاجتماعية بالمساهمة بفعالية وإيجابية في تلبية حاجات الفرد والمجتمع الفورية والمستقبلية من كوادر بشرية متخصصة، تزامنا وتكاملا مع دراسة المشاكل وتحديد الحاجات والمهارات والأولويات المستقبلية، وإذا لم تقم الجامعة بالوقوف على مشاكل المجتمع وعيوبه ونواقصه وتفنيدها وحلها وعلاجها فإن هناك خللا يجب أن يصحح.

ولا شك فإن الجامعة تتأثر بالمجتمع الذي تكون فيه، بالمقابل عليها أن تقود زمام التأثير فيه نحو الطريق العلمي الصحيح، وأن تستشرف المستقبل واحتياجاته ونوعية المخرجات التي يمكنها قيادته، وأن تتحمل مسؤوليتها في عملية التغير، فنجاح الجامعة مرهون بمدى تفاعلها مع المجتمع والاقتراب منه، لأن التعليم الجامعي بدون منازع معقل للفكر الإنساني وقاطرة للتقدم المعرفي والتكنولوجي في المجتمعات المعاصرة، وهو وسيلة التحديث والتقدم المنشود الذي يتناسب مع حاجة المجتمع الذي يوجد فيه، وهو النبع المتجدد لتخريج الكوادر البشرية.