دخيل سليمان المحمدي

لا تتصل حتى تصل

الثلاثاء - 14 نوفمبر 2017

Tue - 14 Nov 2017

عجبا لما وصلنا إليه من استهتار وعدم مبالاة! عجبا لمن تسببوا في إنهاء حياتهم أو حياة الآخرين أو بإعاقتهم أو إعاقة الآخرين، بسبب أمر تافه بإمكانهم تلافيه بكل سهولة.

لقد استمعت لقصة ذلك الشاب الذي أصبح مقعدا على كرسي متحرك بسبب قراءة (نكتة) جاءت على رسالة واتس اب.

وفي لحظة فتح جواله لقراءة تلك الرسالة، لم يسيطر على مركبته التي انقلبت به عدة مرات، ولم يكمل قراءة تلك الرسالة حتى الآن، حيث تسبب له الحادث بشلل نصفي وفقدان البصر.

هذه القصة من آلاف القصص التي تكتب سيناريوهاتها الحقيقية تلك الأجهزة الذكية بأيد غبية، مما جعلت الكثير من هم في ريعان شبابهم وفتوتهم ينامون على الأسرة البيضاء مدة طويلة، وخرج من كان له عمر يتدرج على كرسيه المتحرك.

لماذا؟ فقط لأنهم أمسكوا بجوالاتهم فترة قيادتهم مما شتت فكرهم وانتباههم جزءا من الثانية، ذلك الجزء المستغرق الذي بسببه دفعوا ثمن بقية حياتهم، فهناك من انتهت حياته وهناك من أصبح مقعدا لا يستطيع التحرك.

ومع هذا للأسف الشديد أصبحت ظاهرة استخدام الجوال أثناء القيادة من الظواهر المألوفة والمنتشرة في مجتمعنا، ولو نظرنا إلى حال معظم السائقين سنندهش من المناظر حينما نرى الكثيرين، كل يمسك مقود سيارته بيد وجهاز الجوال باليد الأخرى، لا أعلم لماذا هذا الإدمان والإصرار رغم تلك الكوارث اليومية التي نشاهدها، ونعلم أنها من أسباب ذلك، حيث وصل بنا الحال إلى أن هناك سيارة تتقلب وتترنح أمام من كان يتابعها ليلتقطها صورة أو مقطع فيديو وهو يقود سيارته بجوارها، ربما يعتقد البعض أن استخدام الجوال أثناء القيادة قمة المهارة في القيادة، وبينما يعتقد البعض أن استخدام الجوال أثناء القيادة يعطي الآخرين انطباعا عن مدى أهميته، فالقيادة لها أصولها وشروطها ولا يجب أن ينشغل القائد أثناء القيادة بأي شيء آخر، وربما يسمع أو يقرأ خبرا يزعجه أثناء قيادته واستخدامه للجوال مما يجعله يفقد السيطرة والتركيز ولهذا فإنه سوف يتسبب بانقلاب مركبته أو اصطدامها، وربما يتسبب بقتل الآخرين، فلا يمكن أن تجتمع قيادة المركبة مع استخدام الجوال. أرى أن استخدام الجوال أثناء القيادة هو شروع بقتل النفس ثمنا لإجراء المكالمة أو إرسال الرسالة أو تصفح المحتوى.

أجزم بأن الجميع فقد صديقا أو قريبا بسبب حادث مروري، ولكن الغريب في ذلك عدم العظة والتعلم. فكم امرأة ترملت، وكم من ابن تيتم، وكم من عائلة تفرقت وتمزقت، بعد أمر الله بسبب مكالمة أو رسالة sms أو رسالة واتس اب، فكم من بدأ مكالمته ولم ينهها حيث انتهت حياته، وكم من بدأ كتابة رسالته ولم يختمها حيث ختم حياته، وكم وكم!

إن ضعف تطبيق العقوبة المرورية لاستخدام الهاتف أثناء القيادة زاد من استخدامه، فعلى الجهات المختصة الإسراع في إدراج عقوبات أكثر تشددا وردعا ضد كل من يستخدم الجوال أثناء القيادة لمنع وتخفيض الخطورة الفتاكة من حصد الأرواح بسبب هذا الأسلوب الخاطئ والمهلك، فإذا كان لا بد من استخدام الجوال لأمر ضروري فعليك بالوقوف جانبا حتى تنهي اتصالك.