السلام وئام

الثلاثاء - 14 نوفمبر 2017

Tue - 14 Nov 2017

مشيت بين زحام من البشر ملقيا عليهم السلام، كانت وجوههم شاحبة قاتمة كسماء توشك على الإمطار، ظللت مرددا «السلام عليكم» لكل مار، وكل ما أحظى به التفاتة عجب تنطق بـ»أين السلام في هذا الزمان»؟! كأنهم لا يريدون مني تذكيرهم بكلمة تاهت في ظلمات الحروب، ولقيت حتفها عند مقابر الجوع!، حينها أدركت نسياننا لمعنى حروفه طالما رددنا «نريد الوئام لا بد من الالتحام»، وفي دواخلنا ساحات الطحان، تساءلت كيف نقابل بعضنا بالعبوس ونتغافل عن شفرة حب العالم (الابتسام)؟

كيف لشيخ عجوز أن يأبى رد تحية سنها محمد عليه السلام؟ كيف بطفل يتربى على تجاهل طالب القرب ببعض بالكلام، وشاب ترعرع على هدم طوب الائتلاف أن يتغنيا بأحرف المصافاة؟!

ننادي بالسلام بين الأمم، تترك صور الحطام في دواخلنا بقطع من الركام، نبكي وجعا لحال أم تندد بالظلم وسط حشد من الدمار، ننهار إذا ما رأينا طفلا مرميا تلطخه الدماء، نصرخ متى ينجلي هذا الظلام؟! ونتناسى أننا من أطلقنا شرارة شبت في هشيم الأمة وأحرقت كل واد للوداد!

إن السلام يا رفاق كلمة طيبة، أصلها ثابت وفرعها في السماء، مصافحة حارة، قبلة على رأس شيخ، صفقة لطفل وقع ليعاود المحاولة، السلام في السماء الصافية وإشراقة شمس لا تسأم من إقحام النور على الظلمة؛ قد تهب أعاصير الحروب وتتحطم بنايات المدن، وتحل غيوم الظلم على البلاد، ويبقى السلام في وردة تصر على النماء في صحراء قاحلة، في شفتين تبتسم لتحلي مرارة الفقر في قرية سادها الخراب!

هو شيء أعمق من أن نحصره في زاوية أكبر من أن يوضع قاب قوسين، أوسع من أن توصفه السطور وتقرأه العيون.

هو تآلف الأرواح، تكافل الأفراد، إعمار القلوب، تلامس الأيادي، تعاون الأكتاف؛ لا تجعلوا التحية مقرونة بقريب أو طائفة وديانة، اقرؤوا السلام للغريب والحبيب، تذكروا أن رسول السلام هو محمد، وديانة الحب هي الإسلام، رتلوه أمام أطفالكم، لقنوهم أسس التعايش والحياة.

«السلام عليك أيها الجار، العابر، الصغير قبل الكبير، السلام عليك يا غريب مررت بشارعي ويا فقير طرق بابي، ويا غني افتتح مشروعا في حارتي، السلام على الإنسان أينما كان؛ أيها العالم بمن فيك عليك السلام».

يقول المصطفى «وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها إن الله كان على كل شيء حسيبا»... وأنا في الانتظار.

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال