نحو نمو اقتصادي أسرع

الخميس - 09 نوفمبر 2017

Thu - 09 Nov 2017

يوم جديد في مملكتنا الحبيبة، وإنجاز فريد يحسب لملكنا، ملك المملكة العربية السعودية، خادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله، وولي عهده الأمين محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله. يتوالى صدور الأوامر الملكية والتي ينصب مضمونها نحو العمل نحو تحقيق رؤية 2030 التي أعلن عنها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حفظه الله. ففي يوم السبت الموافق 15 من شهر صفر من عام 1439 صدر أمر ملكي بمكافحة الفساد ونتج عنه خطوات إيجابية لحماية المواطن والمقيم وموارد الدولة، والتي سيكون لها ثمار إيجابية على مجتمعنا واقتصادنا.

لا شك أنه لتحقيق نمو اقتصادي على مستوى الدولة يجب أن تكبح أجنحة الفساد. كثير ما تتصف الدول التي تملك حجما كبيرا من الموارد الطبيعية والتي تعتمد اقتصادياتها عليها بانتشار ظاهرة الفساد، مثل بعض الدول التي لا تزال اقتصادياتها تواجه صعوبة كبيرة في النمو والتطور بسبب انتشار الفساد. ضعف حماية حقوق الملكية، وانتشار الفساد من شأنهما أن يضعفا خطط التنمية ويحولا ما بين تحقيق معدلات نمو أسرع تصب في صالح البلاد. أثبتت الأبحاث النظرية والكمية أن الدول التي تحمي حقوق الملكية وتتدنى فيها مستويات الفساد تكون مساهمة الموارد الطبيعية «مثل البترول» في النمو الاقتصادي إيجابيا أقوى. فالفساد عنصر أساسي مهم للنظر إليه والتعامل معه بالشكل الذي يضمن لمواردنا المساهمة في عملية تنويع الاقتصاد وتحقيق معدلات نمو أسرع تقلل من اعتماد اقتصادنا على البترول. بناء لما صدر عن البنك الدولي، فإن متوسط دخل الفرد في الدول التي ترتفع فيها نسب الفساد يعتبر الثلث مقارنة بتلك الدول التي تتدنى فيها نسب الفساد.

تعتبر دولة النرويج نموذجا ناجحا في الاستفادة من مواردها البترولية في تحقيق نمو وتطور اقتصادي مذهل مكنها من تقليل اعتماد اقتصادها على البترول والتحول نحو تنويع الاقتصاد بالشكل الذي يضمن لها مواصلة النمو الاقتصادي للبلد. كما أن اقتصاد دولة النرويج يحمل صفات مشابهة لاقتصاد بلادنا من حيث توفر الموارد الطبيعية والعمالة المؤهلة علميا. اتخذت دولة النرويج خطوات صارمة تجاه مكافحة الفساد وزيادة معدلات الكفاءة في مختلف المجالات من ناحية مساعدة العاملين في تنظيم الشركات والمحاكم والصحافة والشرطة. والخلاصة أن تدني مستويات الفساد في الدولة من شأنه أن يعزز الثقة بين الدولة والفرد سواء كان مواطنا أو مقيما أو مستثمرا بالشكل الذي يحفز الآخرين بالعمل والابتكار.

تتميز نظرية النمو متمثلة بالنموذج الكلاسيكي بخاصية التقارب (The Convergence Property) والتي بدورها تمكن الاقتصاديات النامية بأن تكون معدلات النمو الاقتصادي متسارعة تحت شروط معينة. ومن بعض هذه الشروط أن يكون مستوى نصيب الفرد من الدخل المحلي الإجمالي متدنيا مع وجود نسبة المواليد تحت نسبة محددة، وكذلك معدلات ادخار تكون تحت نسبة معينة مع وجود الأمان وتدني مستويات الفساد. على سبيل المثال، إذا تم تحسين مناخ النشاط التجاري مثل تقليل الأعباء التشريعية، والضرائب، أو من خلال تقليل الفساد وتعزيز حقوق الملكية، سوف تشهد الاقتصاديات زيادات في معدلات النمو لفترة.

توفر الشفافية في مختلف التعاملات من شأنه أن يساعد على تقليص الفساد ودعم التعاملات التجارية والمالية في البلد. كذلك محاكمة كل من تورط في عمليات فساد، واسترداد حقوق الدولة يعتبر خطوة إيجابية وضرورية لاقتصادنا وتعاملاتنا التجارية على مستوى الدولة، وعلى المستوى الدولي. الأمر الملكي من شأنه التقليل من نسب الفساد على مستوى الشركات والأشخاص، مما سيحمي ممتلكات الدولة ويزيد من ترشيد استخدامها بالشكل الذي يعود نفعه على البلد والمواطن.

الاستهلاك ذو الكفاءة العالية من شأنه أن يساعد على تحقيق أهداف رؤية 2030 نحو اقتصاد متقدم. اليوم المملكة العربية السعودية هي واجهة الإسلام والمسلمين، فمن الضروري أن يمثل هذا الوطن الإسلام خير تمثيل.

في الختام، كيف سيكون تأثير قرار تشكيل لجنة لحصر قضايا الفساد ومهمة مكافحتها؟ من المفترض أن يبعث القرار روح الثقة ويشجع على الشفافية. سيكون للقرار تأثير إيجابي على المواطنين والمقيمين كأفراد أو كأصحاب أعمال وشركات. أصحاب الأعمال اليوم في ترقب من موقف المملكة العربية السعودية من قضية الفساد ومحاربته بشتى السبل. فسنرى حذرا في التعاملات التجارية على مستوى الشركات والأفراد. كذلك من شأن هذا القرار أن يرفع من نسبة أموال خزينة الدولة، إذا يتوقع الاقتصاديون أن تسترد الدولة بعد محاكمة المتورطين مبالغ مما سيرفع من قيمة خزينة الدولة. أيضا سينتج عن تنفيذ قرار إحصاء قضايا الفساد تحسن في دخل الفرد وانخفاض في نسبب البطالة. ستكون بيئة الاستثمارات في المملكة العربية السعودية جاذبة بشكل أوسع وأكبر، مما سيدعم نسبة النمو لاقتصاد المملكة بالشكل الذي سيمكنها من العمل على الخطط التي أعلن عنها مثل مشروع نيوم على مستوى أسرع وبشكل أكثر كفاءة.