وطن الفقد!

الخميس - 09 نوفمبر 2017

Thu - 09 Nov 2017

كثيرة تلك التساؤلات التي تحاول أن تنبش عش الدبور جدا وعبثا وقبل الحديث معك منذ عرفتك. تتنكر نفيا في جفن العتمة، تود أن تكون شيئا آخر كي لا يروك الصبية بين أزقة التربص والانقضاض..!

هل حديثي معك يفزعك كما يفزعني غموضك دائما.. لا أراك من الأرض ولا من السماء. أراك وجها غابرا يريد الانتقام والانتقام فقط..! تجيد فن الاستماع. أتعلم بأني أراك تلك اللحظة الشاردة التي نهرب منها ساعة الفجيعة..! ذاك السواد الذي يتوشح بياض الدنيا فتضيق الدنيا بما رحبت..! لست باحثا عن مقطوعة أدبية مدبجة بفنون العربية الحسناء – والذين أساؤوا لهـا أهلهـا كثيرا – ولست هنا أنتظر مزيدا من الإعجابات والتعليقات وردود أفعال..! بل أجد بأنني أكتب؛ كي أكون أكثر عمقا معك أنت وليس غيرك..!

فأنت هاجس يؤرقنا كلما خطفت عظيما جوادا بين محبيه وغيبت صوته للأبد..!

عجبي ليس من مظهرك الذي اختفى في معاطفك السوداء، ولا من صمتك المريب. عجبي واعجبي من هذا المكوث طويلا على عتبات تلك السنوات البعيدة..! ولم أستفزك بكلماتي بعد رغم علقميتها المرة مذاقها..! أتعلم بأنك كالمصائب لا تأتي فرادى..؟!

من أين تأتي؟ وكيف تأتي؟ ولمن تأتي؟ ونجحت في إخراجك عن حلمك..! كعادتك تخفي ملامحك في ذاكرتك المسنة التي لم تعد للطفولة والإنسانية عندها مكان..! وتخشى أن يعرفك القوم فيهربون فزعا وفرارا.

ألم تعرف بأنك الفاجعة التي لا تأتي في الحياة إلا مرة، ولكنهـا مرة تلك الفاجعة وأسأل الذين أكتووا بلهيبها وبفقدهـا..!

لم ولن نتصالح أو نتفاوض إطلاقا معك..! بقي سؤالي الأخير معك.. اصغ إلي جيدا ولا تعبه بأحد.. فليس أحد هنا إلا أنت وأنا والبقية قد رحلوا تحت الحصار والدمار وربما نشوة وحشيتك وقلبك الأسود وكأنك لا تشبع منا..!

ليس لك قلب ولا دمع ولا تعرف الفقد ولا الحزن لأنك الحزن الذي يعرفه أهله بين ملايين الوجوه الغابرة..!

سؤالي بلا مقدمات ولا استفهامات ولا حوارات تائهة ضائعة معك، فأنت وطن الفقد والحزن الذي لا يعرف الفرح..! سؤالي قد لا تجيب عليه ولك ذلك.

هل أنت الفقد الذي يوجعنا ويفقدنا تركيزنا لنحاول رسم الطريق نحو ذاكرة الأمس وأحاديثهم وإنجازاتهم وطموحاتهم وآمالهم، فالفقد في عسير عظيم والأكثر إيلاما أنهم أصحاب قرار وابتسامة، لا يشعرونك بأنك مواطن، بل مشارك في صنع القرار وتحقيق المنجز والإنجاز..!

أعيد على ذاكرتك، فذاكرتي للحظة لم تستوعب هذا الفقد..! هل أنت الفقد الذي يسكننا كلما زارنا غسق كي يهدينا الوجع والفجيعة والحسرة ويلقي علينا عباءة العزاء ويوجمنا بفقد أعظم من حياة بعدهم.

ومضة:

يقول أبوالطيب المتنبي:

غدرت يا موت كم أفنيت من عدد

بمن أصبت وكم أسكت من لجب

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال