أحمد الهلالي

هل تراجع دارة الملك عبدالعزيز ترجمات تاريخنا؟

الثلاثاء - 07 نوفمبر 2017

Tue - 07 Nov 2017

عدد من المستشرقين جالوا خلال الجزيرة العربية، وأخرجوا جولاتهم في كتب بلغاتهم، تلك الكتب تعد مراجع للباحثين عن الحقب المظلمة (ناقصة التدوين) عن أحوال الجزيرة العربية إبان الحكم العثماني، والعصور المظلمة (الجاهلة)، وقد قرأت مؤخرا كتاب الرحالة الإنجليزي تشارلز داوتي (ترحال في جزيرة العرب)، ويقع في مجلدين ترجمه المركز القومي للترجمة، صدرت الطبعة الثانية منه عام 2009، وتصدى لترجمته صبري محمد حسن، وراجعه وقدم له جمال زكريا قاسم.

الكتاب كنز ثمين لمن أراد الاطلاع على أحوال جزيرة العرب في القرن التاسع عشر الميلادي، وجدت قيمته في وضوح شخصية مؤلفه، الذي لم ينتحل شخصية أخرى، ولم يغير ديانته رغم ما لاقى، ولم يدخل بذهنية الجاسوس، فكان ينقل الحياة البدوية والحضرية نقلا أمينا، بأسلوب دقيق ومشوق، تتجلى فيه معايشته للبدو والحضر معايشة لصيقة، ويظهر تأثره بهم حتى في نقل كثير من المصطلحات البدوية بذات اللهجة، وإن وجدنا تحاملا ونظرة فوقية في بعض تعابير المؤلف، إلا أنها مبررة لرجل انتقل من بيئة متحضرة جدا إلى بيئة بدائية جاهلة، فاعتمد على المقارنات بين الثقافتين.

المشكلة التي واجهتني لم تكن في المؤلف، لكنها في الترجمة، فالمترجم من بيئة عربية لكنها بعيدة كل البعد عن العلم والمعرفة بالجزيرة العربية وبلهجات أهلها، فقد واجه المترجم صعوبة بالغة في ترجمة أسماء الأماكن والناس والقبائل والأدوات، فمثلا تجده يترجم لفظ قبيلة هذيل (هطيل) والبقوم (البجوم) ويعرب اسم مشوط (مشوات) وطلق (طلج) وحمده يسميها (حمدي) ويظن في الهامش أنها (حمادي)، والفعل (أعرّس) عربه (أهرّس) ومن الأدوات (الغدارة) يعرفها في الهامش أنها البندقية القصيرة، وهي سكين مموهة داخل عصا خشبية، وغيرها الكثير الكثير.

من هنا، أقترح على دارة الملك عبدالعزيز، وهي نشطة في هذا المجال ـ وعلى المؤرخين السعوديين وأقسام التاريخ في جامعاتنا ـ أن تراجع ترجمات ما كتبه الرحالة عن جزيرة العرب قديما، فإن وجدت الترجمات متوافقة فلا بأس، وإن وجدت مثلما وجدت في هذه الترجمة للمركز القومي، فيجب عليها أن تعيد ترجمة الكتاب من خلال مؤرخي المملكة العليمين باللهجات وأسماء الأماكن والناس والأدوات؛ لأن هذه الكتب وثائق تاريخية تجب العناية بها وحفظها للأجيال، الذين سيباعد الزمن بينهم وبين تلك الحقب القديمة، وسيأخذون هذه المعلومات الخاطئة على وجه الصحة.

ahmad_helali@