مجتمعي للجميع

الاحد - 05 نوفمبر 2017

Sun - 05 Nov 2017

قيمة الإنسان وحقه المشروع في الاستمتاع في الحياة لا يسقطان لكونه يعاني من إصابة ما أو عجز أو كبر في السن.

أسر كثيرة لديها ابن أو بنت من ذوي الاحتياجات الخاصة أو أم أو أب كبار في السن لا يمكنهم التحرك والتنقل إلا بالكراسي المتحركة والتي تحتاج إلى شوارع ومرافق عامة مجهزة تسهل حركتهم ولا تشعرهم أنهم عبء ثقيل على أسرهم.

في زيارتي الأخيرة لدبي أدركت حقيقة معنى احترام الإنسان مهما كانت ظروفه الصحية، فكل ما حولك يشعرك أن الكل له حق الاستمتاع والتنزه والتنقل، سواء كان ماشيا على قدميه أو جالسا على كرسي متحرك، ودون عناء يتكبده من يدفع ذلك الكرسي المتحرك، أو حرج يشعر به من يجلس عليه.

جميع المرافق العامة من حدائق وأسواق في كل الأماكن العامة مهيأة لهم، وأخيرا انضمت الشواطئ لتلك المرافق فأصبح الوصول للشاطئ سهلا وممكنا، وقد جهزت إمارة دبي ضمن مبادرة (مجتمعي مكان للجميع) عدة مواقع تتناسب مع تلك الفئات في إطار جهود حثيثة وتفكير جاد في تسهيل حياتهم، وإزالة أي عقبات قد تشعرهم بكونهم مختلفين عن الآخرين أو عاجزين.

وقد زرت أحد تلك الشواطئ وأبهرني العمل المتقن المميز، وتمنيت أن تكون تلك البادرة في وطني، وأن يحذو المسؤولون عندنا حذو دبي.

فمدننا للأسف بشوارعها وأرصفتها ليست صديقة للكرسي المتحرك، ويغيب عن أجندات بعض المسؤولين العناية بذوي الاحتياجات الخاصة، بل ومما يدعو للأسف أن هذا الإهمال وصل لدرجة أن تجد رجلا صحيح البدن قد يستخدم مواقف مخصصة لهم، أو قد يغلق بسيارته مدخلا للكراسي المتحركة دون أن يشعر بأدنى إحساس بهم.

والحق يقال إن أغلب الدول الغربية تقدر كثيرا هذه الفئة وتضعهم في أولويات خططها التنموية وبنيتها التحتية، ونحن في وطننا الغالي يمكننا وببساطة أن نجاري تلك الدول بل ونصبح أفضل منهم، فلا تنقصنا الموارد المادية أو البشرية حتى نهيئ مجتمعنا ومدننا لتتناسب مع أوضاعهم وظروفهم الخاصة.

وعبر هذا المقال أدعو المسؤولين في البلديات والوزارات لتبني تحولا كاملا في مرافقنا وشوارعنا بحيث تخدم (أصحاب الهمم) «كما يسميهم المسؤولون في دبي»، وهي تسمية راقية بحق، فهم مثلنا، ولهم كل الحق في التنقل بحرية دون معوقات أو منغصات.

فهل جرب أحد منا شعور العجز وعدم القدرة على التمتع بالحياة وما فيها من مباهج لمجرد أن المجتمع لا يدعمه؟

كلي أمل أن أرى مدننا ترفع شعار المجتمع للجميع بكل أطيافه، أصحاء أو من أصحاب الهمم، فكل إنسان يستحق حياة أفضل، لا يمنعه عجز أو كبر في السن من الاستمتاع بها ولا يعكر صفوها شيء.