عبدالله المزهر

الركمجة وضرورات المرحلة!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

السبت - 04 نوفمبر 2017

Sat - 04 Nov 2017

الرَكْمَجَة كلمة ربما مرت عليكم في بعض الأفلام أو القصص الوثائقية وهي كلمة منحوتة من كلمتين هما (ركوب، أمواج) وهي ـ كما تعلمون ـ اسم لرياضة ركوب الأمواج المتكسرة على الشطآن، وهي رياضة ممتعة فيما يبدو، وإن كنت لا أحب البحر ورياضاته وأرتاح كثيرا للنظرية الاقتصادية التي تقول «وش لك بالبحر وأهواله ورزق الله على السيف». ثم إني وإن كنت لا أكره فكرة الموت ذاتها فإني أكره فكرة الموت غرقا وأجد أنها أسوأ طريقة يمكن أن يموت بها الأحياء.

لكن كراهيتي للبحر لا تعني عدم إنصافي له ولرياضاته، فمشاهدتها ممتعة ومثيرة أما ممارستها فهي بالطبع أمر آخر ليس لأي أحد أن يستطيعه. وتحتاج الكثير من القدرات الذهنية والبدنية التي لا تتوفر في أكثر الناس.

لكن الحياة ـ كما تفعل دائما ـ لا تكف تعطي فرصا للمحرومين، فهذه الرياضة الجميلة من الممكن ممارستها في اليابسة ودون حاجة للبحر والملح والغرق. يمكن ممارستها في التلفزيون والصحف وفي وسائل التواصل، بل إن ركوب الأمواج هي الرياضة الأكثر شعبية في كل أصقاع المعمورة.

والأمر ليس جديدا وهذه الممارسة المثيرة الممتعة موجودة منذ القدم، وتاريخنا المجيد يوجد فيه الكثير من المتميزين المبدعين في هذا المجال. وأظن أن الشخص الذي يمكن أن يخلد اسمه كرائد عظيم في هذا الفن هو «شبث بن ربعي». وقد كتبت عنه سابقا لفرط إعجابي بمهاراته.

فشبث هذا، رحمه الله تعالى، كان مؤذنا لسجاح وليس لديه أدنى شك في أنها نبية مرسلة، ثم تراجع عن إيمانه بها، وكان ثوريا من الذين خرجوا على الخليفة الثالث وشارك في قتله، ثم قرر أن يقاتل الخليفة الرابع علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه، مطالبا بدم عثمان رضي الله عنه ـ وهذه المرحلة هي التي تجلى فيها إبداعه ـ ثم رأى أن الأصح أن يقف مع علي وبعدها بفترة رأى أن الأكثر صحة هو أن يخرج على علي مع الخوارج، ثم رجع عن ذلك وكان جنديا في الجيش الذي قاتل الحسين رضي الله عنه، وبعدها قرر أن يطالب بدم الحسين مع المطالبين، ثم أصبح من أتباع المختار الثقفي، ثم تاب وكان مع الذين قاتلوا المختار، وهكذا أمضى حياته حتى توفي رحمه الله بطلا لا يشق له «غبار» في الركمجة.

وعلى أي حال..

وبما أننا في حراك رياضي هذه الأيام فإنه من المناسب جدا أن يتم استحداث اتحاد رياضي للركمجة، وقد أصبح ظاهرا للعيان أن لدينا مواهب كثيرة لا تقل عن «شبث»، يمكنهم نشر هذه الرياضة الذهنية والبدنية الجميلة.

@agrni