تنمية القطاع الخاص

السبت - 04 نوفمبر 2017

Sat - 04 Nov 2017

طوال الفترة الماضية، حرصت الاستراتيجيات التنموية للبلد على تقديم الدعم المالي للقطاع الخاص سواء على شكل دعم مباشر أو عن طريق زيادة الصرف الحكومي، غير المستدام، ولاحظنا كيف بدأت رؤية السعودية 2030 في التعامل معه عن طريق تقنين الدعم والتوقف عن استخدام الصرف الحكومي بشكل رئيسي كطريقة لدفع الاقتصاد للنمو. هذا التغيير في التعامل مع القطاع كان له الأثر السلبي المباشر على الاقتصاد، حيث رأيناه واضحا في تحول مؤشر معدل التضخم إلى المنطقة السالبة منذ بداية السنة الحالية.

بحسب تصوري، معدل التضخم السلبي يعتبر مؤشرا مبكرا لدخول الاقتصاد في مرحلة ركود والتي من الممكن أن تتحول إلى انكماش خلال السنة القادمة في القطاع غير النفطي يصعب استدراكه بسهولة في السنة اللاحقة حتى إن تم زيادة حجم الصرف الحكومي أكثر من النسبة السنوية المخطط لها. مع ذلك، يمكن تخفيف الآثار السلبية هذه خلال السنتين القادمتين باستخدام طريقتين رئيسيتين وفعالتين وهما تغيير التشريعات في كل قطاع على حدة، ودعم القطاع الخاص في الاستثمارات الرأسمالية التوسعية التي يكون لها أثر فاعل للقطاع.

استخدام التشريعات كوسيلة للتأثير على نمو القطاع الخاص لا يعتبر أمرا جديدا فهو يستخدم بشكل مستمر في الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة عندما يلاحظون أن كثرة التشريعات تمنع القطاع من النمو والتوسع، حيث يقومون بتحريره من التشريعات أو ما يسمى Deregulation في حين أن وضع التشريعات الجديدة Regulation الغرض منها التحكم في القطاع لغرض معين في الغالب لمصلحة العميل أو جودة منتجات وخدمات القطاع.

على سبيل المثال، عندما عملت على استراتيجية مدن 2020 خلال سنة 2014 قمت بصياغة مبادرة تهتم بتعديل التشريعات لقطاع الخدمات اللوجستية 3PL بشكل غير مباشر، وذلك عن طريق فكرة تأسيس شركة تقنية مع القطاع الخاص تعمل كشركة UBER للشركات اللوجستية محليا وتضع قوانينها الخاصة على هذه الشركات، فإدارة المدن الصناعية مستقلة إداريا بذاتها وبإمكانها التأثير على الشركات التي تقدم الخدمات اللوجستية في محيط مدنها الصناعية.

كان الهدف من هذه المبادرة هو رفع جودة الخدمات اللوجستية في السعودية بشكل غير مباشر لأنه يعاني من المنافسة الحادة بسبب عدم وجود تشريعات تنظمه بشكل جيد، حيث يوصف القطاع بأنه Fragmented وهي حالة غير جيدة تضر بالمؤسسات المتوسطة والصغيرة فيها، ولا تعطي مجالا للشركات الكبيرة بأن تحسن فيها من خدماتها وتطور في خدمات القطاع ليوفر مثلا خدمات 4PL والتي تتميز بها الدول الصناعية المتقدمة.

أما بالنسبة لدعم القطاع الخاص في استثماراته الرأسمالية التوسعية فتعتبر مهمة جدا وقد أشارت إليها رؤية السعودية 2030 فيما يخص قطاع الاتصالات بشكل واضح ومباشر، والذي ما زالت شركاته مترددة في التوسع في تقديم خدمات الانترنت السريعة في المملكة بسبب التكاليف الرأسمالية العالية، خاصة المتعلقة بأبراج الجوال.

هذه السياسة تعتبر مهمة جدا، فالقطاع الخاص في أغلب الأحيان لا يتحمس لصرف استثمارات رأسمالية كبيرة لها علاقة بالبنية التحتية لأنها تؤثر سلبا على قائمة الدخل. الأسلوب الأمثل للتعامل مع هذه المسألة هو بتوفير ضمانات للقروض الرأسمالية لهذه الشركات بشكل لا ينقل فيها المخاطرة كاملا إلى الحكومة.

على سبيل المثال، من المفترض أن يقترح صندوق الاستثمارات العامة على شركات الاتصالات بأن تصدر صكوكا تمول التوسع في الاستثمارات الرأسمالية بضمان إعادة الشراء من قبل الصندوق، مما يجعلها أكثر جاذبية للمستثمرين وأقل تكلفة على الشركات. وهو ما سيجعل تأثيرها أقل سلبية على قائمة دخلها، ويجعلها جذابة للمستثمرين الاستراتيجيين.

Mo_Alsuwayed@