باسم سلامه القليطي

دعونا نتعلم من الأطفال

الجمعة - 03 نوفمبر 2017

Fri - 03 Nov 2017

ليست دعوة إلى طفولة متأخرة، وليست إحدى علامات الخرف المبكر، ولكنها دعوة إلى تأمل ما يميز هؤلاء الأطفال، فهم يتمتعون بصفات عظيمة نادرا ما يتصف بها الكبار، حماسهم مشتعل، وفضولهم للتعلم كبير، وتواصلهم مع الآخرين غير مشروط، طاقاتهم عالية، ومشاعرهم صادقة، لا يخدعون ولا ينافقون، ويمتلكون فطرة سوية وأرواحا نقية.

وبما أن التشجيع قد تلاشى تقريبا من حياة الناس، والتحفيز هو الآخر أصبح نادر الوجود، وازداد النقد حتى فاق الحد، وأصبح صفة غالبة في المجتمع، في المقابل تجد أن هؤلاء الأطفال لا يهتمون لرأي أحد، فلا يقيدهم حكم حاسد، ولا يحبطهم كلام حاقد، فهم يلبسون ما يفرحهم، ويأكلون ما يعجبهم، ويعبرون عن مشاعرهم، دهشتهم حاضرة، وضحكتهم آسرة، كل واحد منهم يرى أنه أجمل مخلوق، وأحلامه لا تحدها حدود، تجده اليوم يريد أن يصبح طبيبا، وغدا يتمنى أن يكون ضابطا، وبعد غد هو رائد فضاء، تتوالى أمانيه، وأحلامه تتجدد، فخياله خصب لم يصبه خطب، وقدراته النفسية على فطرتها السوية.

ولكن الواقع المرير، أننا كبرنا ونسينا كم نحن مميزون ومتفردون، فقد تم تكييفنا في مرحلة ما من قبل أهالينا ومعلمينا وأصدقائنا، فزرعوا فينا أفكارا خاطئة، وقيما ناقصة، ومفاهيم مغلوطة، فتجد الأب بمجرد تعرضه لموقف سيئ يقول لطفله: كن حذرا جدا ولا تثق بالناس. فيجعله هذا التحذير يعيد التفكير، وفي المدرسة تجد المعلم يتضايق منه إذا فكر بطريقة مغايرة لما علمه، وربما أنه عاقبه ووبخه، وقتل مواهبه وهز ثقته بنفسه، وتجد الأم تصرخ فيه: كف عن اللعب ولا تعبث بالأثاث، ولا تضحك بصوت عال كي لا تزعج الجيران، فتتعثر خطوته، وتتلاشى ضحكته.

تتوالى عليه الإحباطات، حتى يبدأ بتقديم التنازلات، ثم يتغير ليصبح نسخة مكررة منهم، فقد صدقهم وكذب نفسه، آمن بأوهامهم ودفن أحلامه، وبعد أن كان قويا متفردا، أصبح ضعيفا مترددا، يفعل ما يفعلون، وارتضى دور (الكومبارس)، بعد استحقاقه لدور البطولة، وإذا أراد النجاة من الناس، فليتجاهلهم وليستمع لفطرة الطفولة.