جماليات الخط وإشراقات الرمز

السبت - 04 نوفمبر 2017

Sat - 04 Nov 2017

عندما أهداني مجموعة من بطاقات المعايدة، والتي كانت من تصميمه قبل أكثر من ثلاثين عاما، أدركت لحظتها أن الأستاذ محمد سالم باجنيد إنسان خصه الله سبحانه وتعالى بموهبة لم أرها في غيره ممن وهبهم الله الإحساس بالحرف وجمال الخط، وهي تصويره المعنى، وقدرته على استنطاقه من خلال التركيب والشكل.

والأجمل في هذا تفرده في تأويل الآية الكريمة من محكم التنزيل في تشكيل بديع، يشرح الصدر ويسر النظر، من خلال بناء الألفاظ والمفردات، في محاولة يتلمس بها أسرار الكتاب الحكيم، ولا غرو فقد أدركت الدولة فيه هذا التفرد في صياغة الحرف وتصويره شكلا يتسق والمعنى في الآية الكريمة فأوكلت إليه - قبل أكثر من ثلاثين عاما - مهمة الإشراف على الهدية المميزة التي قدمتها المملكة لهيئة الأمم المتحدة في نيويورك، والتي كانت ستارة الكعبة المشرفة في عهد الملك فهد بن عبدالعزيز، يرحمه الله، والتي يزهو بها اليوم مدخل قاعة الجمعية العمومية، والتي نالت تقدير المنظمة وإعجاب كل الذين عملوا في الهيئة أو زاروا المبنى القائم على ضفاف نهر الهدسون في منهاتن.

كما نالت بطاقة التهنئة التي صممها بمناسبة مساهمته في تركيب ستارة الكعبة المشرفة، والتي حظيت ببعض نسخ منها إعجاب وتقدير كل من تلقاها من السفراء والمسؤولين في الخارج والداخل يومها.

وخلال علاقتي الطويلة بالأستاذ محمد سالم باجنيد كنت ألاحظ الكثير من الصفات، والتي تميز الموهوبين الذين حظاهم الله بالتفرد فيما خصهم به، ولا أنسى العبارة الجميلة المؤثرة التي كانت تزين مكتبه (نهدي الذوق ولا نبيعه)، والتي أبدعها تعبيرا عن رسالته في التصميم.

وفي أمسية غير مسبوقة، وبعد مشوار طويل تكلل بالإخلاص والحب للحرف والخط العربي، كانت القاهرة في مصر الشقيقة إحدى العواصم التي قامت باستضافة معرضه الأخير (جماليات الخط وإشراقات الرمز)، والذي أقامته نقابة الفنانين التشكيليين في أرض الأوبرا الذي افتتح في أكتوبر من هذا العام، وقد ازدحم المعرض بالمهتمين والمسؤولين في قطاعات الفنون والتعليم والإعلام.

وجمع المعرض الكثير من الأعمال التي تميزت ببصمته، والتي أدهشت كل من شاهدها أو عرفها، ولا غرابة فهي محط اهتمام الدارسين والباحثين من المتخصصين في جماليات الخط.

وخلال حفل التكريم الذي أقيم على هامش افتتاح المعرض، حصل الأستاذ محمد سالم باجنيد على العديد من شهادات التقدير من الأوساط الفنية والإعلامية، وتوج هذا التكريم الإعلان عن اختياره سفيرا للتراث العربي، تقديرا لمجهوده الرائع والمتميز في مسيرته الحافلة لخدمة الخط العربي.

وسط فرحة كل من عرفه فنانا عبقريا متفردا، دعاؤنا للأستاذ محمد سالم باجنيد بطول العمر ودوام العافية، ومزيد من التميز والإبداع.