من خطب الجمعة

الجمعة - 03 نوفمبر 2017

Fri - 03 Nov 2017

القضاء والقدر

«إن الإيمان بالقضاء والقدر والرضا بأفعاله سبحانه وتعالى هو المحك الحقيقي لصدق العبد وإخلاصه، ومعرفته بربه وبما له من صفات الكمال والجلال، فكم من أناس سقطوا في فتنة الجزع والتسخط والاعتراض، وفشل البعض عند أول عارض، وخذل آخرون فزعموا أنه لا قدر وأن الأمر أنف، وصدقوا ما بذر الشيطان في عقولهم من الشبه والتساؤلات الحائرة التي تتهم الله في أقداره وتعيبه في قضائه ولا تدرك الحكم البالغة في أفعاله، فهم في الحقيقة ما قدروا الله حق قدره حينما سول لهم الشيطان وأملى لهم.

إن الإيمان بالقضاء والقدر هو النجاة والفلاح والسعادة التي افتقدها الكثير من البائسين واليائسين والحائرين، بينما المؤمن يعلم يقينا لا يخالجه شك أن الله سبحانه قد قدر الأحداث كلها في هذا الكون خيرها وشرها صغيرها وكبيرها، وعلمها سبحانه بعلمه المحيط الواسع بالإجمال والتفصيل قبل وجودها، ثم أمر القلم أن يكتب في اللوح المحفوظ كل شيء كائن وكل حدث صائر، صغر أم كبر، ثم صارت الأحداث والأقدار تتوالى وتحصل بعد ذلك بمشيئة الله وإرادته إيجادا منه وخلقا على وفق القدر المكتوب حذو القذة بالقذة لا ينخرم منه شيء شيئا البتة، كما قال سبحانه (ما فرطنا في الكتاب من شيء)، وقال تعالى (إنا كل شيء خلقناه بقدر)، وقد عد النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل المشهور من أركان الإيمان العظمى الإيمان بالقضاء والقدر حلوه ومره، خيره وشره، ويثبت عند الترمذي في جامعه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن عبد حتى يؤمن بالقدر خيره وشره من الله، وحتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه)».

خالد الغامدي - الحرم المكي

سرقة الأموال

«إن السارق الفاسق يلتمس الغرة وغفلة الحراس فإذا غفلوا وثب السراق على الأموال، حيث إن السارق فاسق شرير ومخادع فهو ملعون على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده ويسرق الحبل فتقطع يده).

إن يد السارق يد غاصبة معتدية أوجب الشارع قطعها ردعا وزجرا وصيانة للأموال والممتلكات، ومن تمتد يده إلى مال غيره عليه أن يكف عن عدوانه على أموال الآخرين، وأحذركم من أخذ أموال الناس بغير إذن، عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (لا يحلبن أحد ماشية امرئ بغير إذنه أيحب أحدكم أن تؤتى مشربته فتكسر خزانته فينتقل طعامه فإنما تخزن لهم ضروع مواشيهم أطعماتهم فلا يحلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه) وعن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يحل للرجل أن يأخذ عصا أخيه بغير طيب نفسه)، وذلك لشدة ما حرم الله من مال المسلم على المسلم.

إذا كان ذلك فيما حقر من المال فكيف فيما كبر فهو أحق وأجدر، إن سرقة المال العام تعرض صاحبها للوعيد الشديد، كما إن من دخل بلاد غير المسلمين حرم عليه خيانتهم وسرقتهم والاعتداء على أمنهم وأنفسهم وأعراضهم مستدلا بفعل النبي صلوات الله وسلامه عليه حين هجرته إلى المدينة حيث أمر عليا برد الودائع التي كانت لديه».

صلاح البدير - الحرم النبوي